#شخصية_من_ريمة رقم الشخصية ( 59 )
اقتباسات من كتابين صدرا عن هذه الشخصية
النشأة والتعليم
النشأة:
ولد الشهيد أحمد يحيى غالب حسن عثمان صالح عبدالرحمن أبو الفرج صلاح عبدالملك معبش بن قرموش، في قرية الحرف/المصنعة، عزلة الأبارة، مديرية مزهر – كسمة سابقاً – بمحافظة ريمة، في الثالث من رمضان 1371هـ الموافق 26 مايـو 1952م، ونشأ في أسرة تعمل في الزراعة؛ حيث كان والده من الملاك الميسورين نسبياً للأراضي الزراعية، سواء الأراضي الجبلية المروية بالمطر "المدرجات" أو الأراضي المروية بمياه الوديان الجارية في وادي هجيرة "الغيل" أو وادي عروة.
كتب الشهيد احمد يحي غالب الابارة مذكراته وقد حصلنا على بعض منها من احد اقربائه وسوف نورد ما كتبه الشهيد عن طفولته دون تعديل كما يلي :
ولدت عام 1371هـ، في 3 رمضان، الموافق 1952م. وعند أن بلغ عمري ثلاث سنوات تقريبا تعرضت لحادث سقوط من سطح البيت الذي يبلغ دورين، وعندما شاهد الناس سقوطي هبوا من أكثر من مكان، علهم يعرفوا ما حدث لي. وكانت والدتي ـ رحمها الله ـ أول من وصل إلي فأخذتني، ووضعتني على ركبتها، وأنا بكامل وعيي، ولم يحصل لي أي كسور أو شروخ تسيل منها الدماء، وكأنني لم أسقط من تلك المسافة، وعندما تجمع الناس أخذوني إلى داخل البيت، وقاموا بغلي كمية ماء، غسلوني به. لقد كان ذلك الماء المغلي هو العلاج الوحيد الموجود بين أيديهم لمعالجة أي كدمات، أو رضوض داخلية غير واضحة على سطح الجسد. وقد كنت أطلق كلمات السب والشتم لمن يقومون بغسلي، بذلك الماء الساخن؛ لأن درجة حرارته كانت تحرق الجلد، وبالرغم من عدم ظهور أي كدمات أو كسور على جسدي إلا أني تعرضت لمرض شديد لفترة طويلة. ربما كان ذلك المرض بسبب أضرار داخلية. وأثناء ذلك المرض كان والدي رحمه الله يستدعي أصحاب التمائم و الحروز الخرافية، ليدرسوا علينا آيات من القرآن، ويضعوا على يدي الحروز المكتوبة والملفوفة بعناية؛ فكنت لا أستطيع فتح أي منها، ومن ثم محو بعض الكتابات بالماء، أي غسل بعض الأوراق التي يتم كتابتها بالماء وإرغامي على شربه؛ لأن مذاقه غير مستساغ. وهذا هو العلاج الناجع في تلك الفترة، ولا توجد حيلة أخرى.
وبعد مرور ثلاثة أشهر من الله علي بالشفاء، حسب رواية الوالدة. إن فترة المرض استمرت ثلاثة أشهر حتى عدت إلى حالتي الطبيعية. لقد طبعت هذه الحادثة في ذهني بكل تفاصيلها رغم السن المبكر.
الإصابة بالجدري:
عندما بلغ عمري ستة أعوام أصبت بمرض الجدري "الهزال" لأنهم كانوا يطلقون عليه الهزال. وقد أصيب بهذا المرض الخبيث كل أطفال القرية، بل كل أطفال المنطقة، والذي قضى الكثير منهم نحبه ، جراء ذلك الوباء.
وقد كانت إصابتي وإصابة أخي الذي كان أصغر مني بعامين قوية جدا. وكانت والدتي ـ رحمها الله ـ تظل تذرف الدموع ليلا ونهارا. وخاصة عندما يصل إلى مسامعها وفاة أي من المصابين من أبناء القرية، فليس لديها أي ولد آخر غيرنا الاثنين. وهي لا تجد أي حيلة لإنقاذنا، لأنه لا يوجد أي علاج في تلك المرحلة. وكان يتم معالجتنا بوخز حب الجدري بالإبر لاستخراج القيح منها. ومن ثم يتم وضعنا على تراب ناعم لتجفيف ذلك القيح الذي يغمر أجسادنا، ولا يتم غسلنا بالماء، لأن ذلك يشكل خطرا على المريض.
لقد كان الوالد ـ رحمه الله ـ يسهر الليل كله إلى جوارنا، ويعطي الوالدة فرصة للنوم لفترة لا تزيد عن ساعتين أو ثلاث، لأننا لا نكف عن الأنين من جور وشدة الألم. وكان إخواننا الكبار وأصدقاء الوالد يأتون أثناء الليل لمسامرة الوالدة وتشجيعهم. وقد أصيبت زوجة واحد من إخواني بهذا الوباء القاتل، وقضت نحبها، لأن الوباء لم يقتصر على الأطفال؛ بل أصاب أي شخص لم تسبق له الإصابة بالجدري..
بعد فترة من إصابتنا بهذا الداء لا أذكر كم هي الفترة، بدأ استخدام العلاج الجديد، ويتمثل بأخذ مخلفات إحدى الأشجار ويتم تبخيرنا بدخانها. ويطلق على الشجرة اسم شجرة "الجعدف" وعملية التبخير "جعدفة المريض" الغريب في الأمر عدم حضور الحروز والعزائم والتمائم الخرافية، فقد حُصر العلاج في وخز الإبر والتراب والبخور وقراءة الفاتحة وبعض الآيات القرآنية وبعض الأدعية. وتتم قراءة الفاتحة والدعاء للمريض وقراءة بعض الآيات من كل زائر. وبالإضافة لذلك كان يعطى للمريض اللبن والروبة والعسل مع الماء، ولعل علامات ذلك المرض الخبيث، لا تزال ماثلة على وجوهنا وأجسادنا.
لقد كان يسبق ظهور مرض الجدري ظهور حبوب صغيرة على أجساد الأطفال، وكانوا يسمون ذلك بالكنبان المبشر بالجدري. وما أن يتم زوال ذلك حتى تتم الإصابة بالجدري. ولم أجد اسما علميا لذلك المرض الذي كان يشكل علامة واضحة للمواطنين بمجيئ الكارثة.
لقد من الله علينا بالشفاء بعد تلك المعاناة الكبيرة، وعدنا إلى ملاعب القرية، ووجدنا أن عددا كبيرا من أطفال القرية ذكورا وإناثا قد فارقوا الحياة. انتهي ماكتبه الشهيد عن تلك المرحله من طفولته
تعليمه ومعارفة :
المعلامة(1958-1965م)
تلقى تعليمه الاولي على يد العلامة الكبير-خريج زبيد- محمد صالح الابارة ويشهد له اقرانه في الكتاب سرعة بديهته وحفظه والمامه بالمناهج المقرة آنذاك في وقت قياسي.
ومعلوم ان المنهج كان يشتمل بعد ختم القرآن الكريم الزبد متن الاجرومية, سفينة النجاة, المبادئ الفقهية للإمام الشافعي, المواريث, البلاغة والنحو والصرف ...الخ.
المشارب الفكرية
من خلال مرافقته لعمه الشيخ إسماعيل غالب إلى مركز القضاء "الجبي" أو مركز الناحية "كسمة" أو الأسواق الأسبوعية، بدأت مداركه المعرفية تتسع؛ حيث كان عمه يقتني بعض الكتب والدواوين الشعرية، إلى جانب كونه يكتب الشعر، أو تهدى إليه كتب من مشائخ وحكام ووجهاء، كثيراً ما كان الشهيد يقرؤها بنهم، وكان من أهمها: أشعار الزبيري، خطابات النعمان، وكتب عن القومية وعبدالناصر، ومؤلفات لجرجي زيدان، ومجلة الحكمة اليمانية، وكتب من الأشعار والمدائح الصوفية، وغيرها من الكتب والإصدارات التي تقارع الاستبداد والاستعمار والكهنوت. وقد كان كثير التأثر بها وبأشعار متداولة لشعراء شعبيين تحض على الثورة والتمرد على واقع الجمود والتخلف. وكان يبث روح الحماس بين أترابه بهذه الأفكار الثورية وضرورة الخروج عن المألوف من قيم الخنوع المتوارثة، وكثير الإشادة بثورات التحرر في مصر وغيرها من الأقطار، والتبشير بجيل قادم سيناضل للقضاء على التخلف، ويعمل على توحيد الجهود والأوطان، جيل متسلح بالعلم والإرادة لتفجير ثورات تحرر وتغيير تصنع مستقبلاً واعداً للأوطان والشعوب. ومع توسع دائرة معارفه، وعلاقاته من الشباب المتطلعين للتغيير في المديرية أو مديريات مجاورة، مثل السلفية وعتمة، بدأ تأثيره الثوري يتوسع أكثر فأكثر، حتى صار ملهماً للكثيرين في نشر قيم الثورة والتغيير في أوساط مجتمعاتهم، ومحط إعجابهم وتقديرهم.
من المعلامة الى ساحة النضال
يعد الشهيد البطل علما من اعلام ريمة خصوصا وقامة وشخصية وطنية بارزة وفارسا لا يشق له غبار في مختلف المجالات الدينية والتاريخية والعلوم والاقتصاد والفكر والسياسة ذات التعدد والشمول، وكان شديد الاعجاب بجملة من الشخصيات العظيمة اولهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في اخراج الامة من ظلمات الجهل الى نور العلم... والفاروق عمر في العدالة والحكم الرشيد وابوذر الغفاري في محاربة الثراء غير المشروع ونهب المال العام وجمال عبدالناصر في عروبته ونهرو.. وغاندي.. وجيفارا.. ومانديلا .. وعلي عبدالمغني في التضحية وبذل النفس رخيصة للوطن من اجل التحرر والاستقلال ..وسوار الذهب في القناعة والزهد في السلطة وعدم التشبث بها... وصدام حسين في محاربة الطائفية النتنة ..وسالمين وفتاح والحمدي في طهارة اليد ين من دماء واموال الشعب وفي ووحدويتهم ووطنيتهم المثلى وسعدالدين الشاذلي وطلفاح في التخطيط العسكري والاستبسال في الذود عن الوطن والجندية والانضباط كان يحب التدين بلا تنطع او مغالاة او امتهان...والوسطية بلا تفسخ او ابتذال...شديدا في مقارعة كل مظاهر التسلط والاحتكار والهيمنة ..والاقصاء والتهميش والديكتاتورية والاستبداد ايا كانت كان بيته بمثابة المنتدى الثقافي والسياسي المفتوح لكل الاطياف السياسية المختلفة دون استثناء
محطات هامة مرت في حياته الاجتماعية و النضالية نوردها كما يلي:
اولا :ملازمة والده في مرضه
لقد كان يقضي جل وقته هذه الفترة في ملازمة ابيه المريض بالتناوب مع اخوانه (عبدالله ,علي, عبده, محمود) بالإضافة الى من كان يطلق عليه الشهيد الأخ الذي لم تلده امي "محمد عبد العبدي...شفاه الله" وقد اكتسب من ابيه حب الضعفاء والمساكين والعطف على المعسرين ومواساتهم بمكاييل مختلفة المقادير والمعايير (نفر, ثمانية, رباعية, حكم, مكيال قدح, حمولة) من حبوب الذرة المتنوعة...حتى قيل (لا يخرج من بيت يحيى غالب جائع).
ثانيا: مرافقة عمه اسماعيل
هو الشيخ /اسماعيل غالب الذي استشهد في العام 1388هجرية الموافق 1968م بالصورة التي سنردها تاليا- وقد اشتهر هذا الشيخ باتساع أفقه الديني والفكري منذ قت مبكر اذ كان هذا الشيخ يقرأ لعدد من الكتاب امثال جورجي زيدان وغيره من اعلام الثقافة العربية وقد كان يجد الشهيد في مكتبة عمه المتواضعة ما يلبي شغف الاطلاع ونهم القراءة المبكرة...وظل الشهيد لصيقا بعمه الشيخ اسماعيل لا يفارقه.
ثالثا: في سجن الجبين 1972-1973م
وفي خضم الفوضى التي شهدتها (الابارة) ابان استشهاد عمه الشيخ/اسماعيل غالب ونجله عبدالسلام في صيف العام1968م الموافق1388هجرية (في منطقة الظًهر بوادي دجاجة) وهما في طريق عودتهما من سوق الابارة الاسبوعي (الخميس)...فقدتم ايداعه في سجن قلعة القشلة المشهورة في مدينة الجبين لمدة عامين (1971-1973م).
وقد تجلت شهامة الشهيد بشكل اكبر في هذه الفترة التي لم تحل بينه وبين اقامة شبكة من العلاقات الحميمة مع كل المحيطين به داخل وخارج السجن ...ولضيق المجال يمكن الاشارة فقط الى تلك العلاقة الوطيدة التي ربطته بالشهيد الشيخ/عبدالمؤمن سعد طاهر الضبارة الذي كان ضمين المعتقلين في القلعة آنذاك...وتمكن من الاستفادة الثقافية التي تعد الاولى بعد تخرجه من المعلامة من خلال مجموعة المؤلفات التي كانت بحوزة رفيقه الضبارة وتتوارد اليه بشكل مستمر والتي كانت ذات طابع (قومي/ناصري) وفور خروجه من السجن امتدح صديقه الضبارة بقصيدة معروفة وحزن عليه اشد الحزن عندما استشهد في عزلة الرييم المجاورة في الثمانينات وهو في مهمة في هيئة التعاون الاهلي للتطوير بناحية كسمة تتصل باستكمال طريق مدينة الشرق الابارة كسمة الاستراتيجي وذلك في الثمانينات من القرن الفائت.
رابعا: روح الجندية المبكرة (74-1975م)
كان ميوله الى الجندية والروح العسكرية منذ وقت مبكر.. وقد حاول مرارا...بعد تخرجه من المعلامة الالتحاق بالمؤسسة العسكرية ،ويحدثنا زميله آنذاك / محمد حمود علي عن الجهود التي بذلها الشهيد لتحقيق هذه الامنية والتي كانت المحاولة الاولى له في معسكر قوات العمالقة في ذمار بقيادة الشهيد/عبدالله محمد الحمدي... تلتها المحاولة الثانية للانضمام الى معسكر قوات المضلات بصنعاء _ مقر الشرطة العسكرية حاليا_ بقيادة الرائد /عبدالله عبدالعالم عضو مجلس القيادة.
وبرغم ان فترة المقدم الحمدي –القائد الاعلى- كانت تعد الفترة الذهبية للجمهورية وتوجهاته الوطنية التي شهدت بناء مؤسسة الجيش على اسس وطنية وفتح التجنيد امام كل اليمنيين ومنهم ابناء ريمة دون تمييز، إلا ان الاجراءات المتعلقة بتوفير الضمانات التي كانت من اختصاص مشائخ كل منطقة حينها في وقت كانت الابارة تغوص في الفوضى الداخلية بعد استشهاد شيخها من جهة وانهماك الشهيد في مشاغل اخرى من جهة ثانية حالتا دون استكمال هذا المشروع.
خامسا: اغتراب وتثقّف ذاتي
نتيجة للتراكمات السابق ذكرها ولطبيعة الشهيد التي ترفض اليأس لم يكن امامه إلا خيار الهجرة للبحث عن مصدر رزق حلال من جهة والابتعاد عن أجواء التوتر التي تلت استشهاد عمه من جهة اخرى ومعلوم لكل من هاجر معه كيف استطاع خلال فترة وجيزة من ان يتحول من مجرد عامل بسيط يحمل الالواح والاخشاب بالأجر اليومي الى مساعد نجار، ثم الى معلم، ثم الى مقاول كبير في هذا المجال بفضل حنكته وذكائه الفطري وجر معه الى ذلك اخاه محمود ومحمد وعلي يحي اسماعيل واحمد العبدي واستفاد من العمالة معه العشرات من العمالة اليمنيين
وصحيح ان الشهيد تلقى تعليمه الاولي في المعلامة, إلا انه استطاع ان يستثمر كل سنوات اغترابه الأربع في المملكة العربية السعودية عن طريق القراءة والتثقّف الذاتي, فكان يجيد تنظيم وجدولة الوقت بمقدرة عالية.
لقد كان الشهيد يرفد مكتبته المنزلية المتواضعة بعشرات الكتب سنويا منها التاريخ العسكري لليمن لسلطان ناجي, تاريخ الحركة الوطنية في اليمن لسعيد الجناحي, رأس المال لماركس ,الموسوعة العسكرية , الحربين العالميتين الاولى والثانية وعشرات المؤلفات للبردوني والمقالح والزبيري ومحمد عبدالولي وعبدالرحمن البيضاني ومذكرات جمال عبدالناصر والرئيس السادات وتفاصيل الحروب العربية الصهيونية 1948م,1967م,1973م ومؤلفات كل من محمد فوزي وسعدالدين الشاذلي.
سادسا: العودة للوطن
حاول الشهيد جاهدا الاستفادة من الخبرة التي اكتسبها في المهجر في مجال المقاولات في نجارة الحديد المسلح والاستثمار داخل الوطن ،فبدأ أولاَ بشراء مصنع (بلوك) وبقالة في صنعاء وكان صديقا للشيخ /شايع عزالدين السلطان الذي كان يجلس معه للمقيل في الصافية عدة اشهر...ومن الصدف ان هذا الأخير كان يحرض الشهيد على ضرورة الانضمام للجبهة ردا على جملة من معاملات التمييز التي كانت تمارسها السلطة في الشمال على منطقة ريمة ومشائخها ومواطنيها ، إلا انه مع تنامي اعمال التمييز هذه وللزحف الجارف والمتنامي لعناصر الجبهة فيها ، بصورة لم يجد معها الشهيد مناصا من الانضمام للجبهة وقد كان موفقا كي لا تنزلق المنطقة الى دوامة العنف من جديد وكانت بحاجة ماسة لشخص قيادي كشهيدنا البطل.
سابعا: العمل السياسي في مرحلته الأولى (80-1985م)
تعد هذه الفترة من اصعب واحلك المراحل التي مربها الشهيد على الاطلاق لا يدركها الامن عايش الشهيد في تلك المرحلة عن قرب.
لقد كانت الظروف المحيطة تلقي عليه ضرورة النهوض بأعباء عدد من المهام المتداخلة والمتشابكة – الى درجة التضاد- ففي الوقت التي لامست فيها اهداف الجبهة الوطنية وتوجهاتها الوطنية ذات الشعار الوطني الخالد (السيادة للوطن ،الديمقراطية للشعب ،الوحدة لليمن) احاسيس ومشاعر الشهيد التواقة الى التغيير الوطني الشامل في ظل وطن يمني واحد وموحد مع ما يصاحبها من تبعات الصدام المباشر والمسلح مع حكومة الشمال التي تغذيها رغبات لشخصيات انتهازية في الداخل وجدت ضالتها في تضخيم (المد الشيوعي المزعوم) وتهويل خطره على الدولة والمجتمع لدرجة التكفير التام لكل ما يمت للوحدة ودعاتها بصلة بهدف الكسب المادي الرخيص بغطاء ديني.
لدرجة ان دخول أي من المدن الرئيسية لأي من الناشطين من ابناء الابارة كان بمثابة انتحار بما فيها الملاحقات وحملات الاعتقالات التي كانت تطال حتى الطلاب والمتوجهين الى المهجر.
هذا من جهة ومن جهة ثانية فقد شكلت بعض التصرفات اللامسؤولة للبعض من المحسوبين على الجبهة من ابناء المنطقة التي كانت تصل الى الاعدام اما نتيجة لاستغلال بعض مواقعهم التنفيذية في الجبهة لتصفية حسابات سابقة مع بعض الآخرين واما كرد فعل انتقامي تجاه من تسببوا بالحاق الاذى والزج في السجون او ازهاق الارواح ببعض الرفاق وذويهم...الخ. وكيف يتمكن من كبح جماح بعض المتهورين بطرق ووسائل شتى.
وهذه المهام المعقدة لا يستطيع النهوض بتبعاتها وتوجيهها في الاتجاه الصحيح إلا ذوي الهمم العالية والمقدرة القيادية الفائقة وهذا ما عرف عنه وكيف انه كان لا ينام إلا لسويعات في معظم الايام.
وربما سيتطرق غيري الى دوره في الدفاع بل وحماية وحراسة حتى خصومه آنذاك في منزله كي لا تطالهم المحاكمات السرية التي كان مآلها الاعدام .
ونتيجة لتلك المواقف الانسانية المثلى التي كانت تطغى على مسؤوليته القيادية ...فقد كان هدفا للتصفية الجسدية من المعسكرين معاُ وفي وقت واحد الدولة بتهمة تزعم مجموعة تخريب شيوعية من طرف والجبهة بتهمة الخيانة والتستر على ما يطلقون عليهم صفة (العملاء) من طرف ثاني .
ولايزال يدين له بالفضل عموم ابناء الابارة – موالين ومعارضين – في الحفاظ على ارواح الكثيرين من ابناء الابارة وغيرهم في هذه المرحلة الحرجة.
ثامنا: التفاوض مع الحكومة
في العام 1984م قاد بحنكة عالية المفاوضات مع حكومة الشمال التي افضت الى انضمام جميع منتسبي المنتسبين الى تنظيم الجبهة الوطنية الديمقراطية من أبناء قضاء ريمة الى القوات المسلحة في ابريل من العام1984م.
تاسعا: مشاركته في الحرب العراقية الإيرانية
في يوليو من العام 1984م توجه الشهيد على رأس لواء كاملا من الجنود والضباط المنضمين للمؤسسة العسكرية سمي بـ (اللواء الرابع عروبة) الى العراق ولم يعودوا إلا في فبراير من العام1985م.
وقد نال الشهيد واللواء الرابع عروبة العديد من النياشين والاوسمة الرفيعة واعجاب القادة العسكريين في العراق.
عاشرا المرحلة النضالية الثانية : نضال الشهيد في العمل السياسي
الوحدة والعمل السياسي العلني (90-1994م).
عمل الشهيد في صفوف الحزب الاشتراكي من مايو1990م وحتى مايو1994م وقد لعب مع رفاقه المخلصين في ريمة دورا وطنيا لا ينكر في الـتأسيس للعمل السياسي الديمقراطي وعرفانا بهذه الجهود فقد اصدرت قيادة الحزب ومكتبها السياسي قرارا باعتماد ريمة محافظة حزبية بعد ال22من مايو بفترة وجيزة... وبذلك شهدت ريمة اول تجسيد عمليا للممارسة الديمقراطية والتأسيس لأول منظمة مجتمع مدني في ريمة ممثلة بـ (منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة ريمة ).
احدى عشر: الانضمام للمؤتمر الشعبي العام.
عقب اعلان علي سالم البيض الانفصال (1994في مايو1994م ) اعلن الشهيد الانضمام الى المؤتمر الشعبي العام ومعه عدد كبير من رفاقه ليس تنكرا للحزب الاشتراكي اليمني وانما احتجاجا على الخطوة الرجعية التي اعلنها البيض من طرف واحد دون قبل اخضاع الامر للاطر الحزبية (اللجنة المركزية) لا سيما وان الوحدة اليمنية قد مثلت للشهيد والالاف من رفاقه في الشمال قضية حياة او موت وقدموا لأجلها تضحيات عظيمة ومئات الشهداء ...
ومن تبعات حرب 1994م الاحالة المبكرة للتقاعد والتي طالت المئات من الضباط ذوي التوجه اليساري على طريقة (خليك بالبيت) كما كان يسميها المتضررون
والذي كان لسان حالهم يقول:
وحدة الشعب يا غدار لن تقهر...
لن تكون في يد الانذال ألعوبة...
وقد ظل في المؤتمر الى ان اعلن الانسحاب منه في فبراير2011م احتجاجا على قمع الثورة الشبابية.
اثنى عشر: في المجلس المحلي للمحافظة
ظل الشهيد حتى اللحظات الاخيرة لاستشهاده مثالا في خدمة محافظة ريمة قبل وبعد عضويته في مجلسها المحلي...وعرف عنه السعي الدؤوب في خدمة كل من يطلب مساعدته سواء من ابناء ريمة او غيرها وكثيرا ما كان يتواصل مع الجهات الخدمية ذات العلاقة للتعاون في مساعدة العشرات ممن لهم معاملات مختلفة في مختلف الجهات من أجل إنجازها.
وعندما تم انتخابه في المجلس المحلى للمحافظة في سبتمبر 2006م انطلق الشهيد إلى ميدان آخر من ميادين النضال والعمل الاجتماعي والخدمية. ولن ابالغ في القول ان دخوله انتخابات المجالس المحلية جاء بضغط من كبار ووجهاء ريمة الذين رأوا انه ولدوره الكبير في خدمة المحافظة وابنائها وجهوده المتواصلة منذ ثمانينات القرن المنصرم في هذا المضمار...إلخ, فانه من الاصوب ان تتوج هذه الجهود بالاطار القانوني والتشريعي المناسب .
وقد الف كتابا عنونه (محافظة ريمة 4سنوات عجاف) حول تلك الفترة .
الثالث عشر: التجمع الوطني للنضال والتنمية
كان على رأس مؤسسي ما عرف بـ (التجمع الوطني للنضال والتنمية) مع مجموعة من زملائه وكبار الناشطين من مختلف محافظات الجمهورية...والتي كان يشغل رئيسا للجنة التحضيرية فيه منذ الاشهار في يوليو2014م...ثم رئيسا لمنتدى للتجمع الوطني للنضال والتنمية من اغسطس 2014م حتى استشهاده رحمه الله.
الرابع عشر: استشهاده
استشهد هو ومرافقيه بعد افطار يوم الثلاثاء21رمضان 1436هـ الموافق7يوليو2015م إثر هجوم صاروخي – وصف بأنه خطأ غير مقصود_ لطائرات التحالف العربي على معسكر اللواء 27في منطقة العبر بمحافظة حضرموت ...
والتي كشف تحقيق لقناة الجزيرة ان عملية القصف لم تكن خطأ غير مقصود كما اعلن التحالف بل كان عملا مدبرا للتخلص من القيادات الوطنية التي يصعب شراؤها لتمرير مشاريع تقضي على استقرار اليمن .
بعض مما كتبه اصدقاؤه عنه بعد استشهاده (مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بمنشورات الرثاء للشهيد نقتبس بعضا منها)
العميد ..عبده محمد مرشد
عرفتُ الشهيد البطل أحمد الأبارة كتلة من قيم الشرف والنزاهة والعفة والتواضع والصبر والترفع عن الدنايا إنه شخصية فوق مستوى الشبهات.. عاش محدود الدخل؛ إذ كان يعتمد في الغالب على الراتب وعلى ما يأتيه من ريع الأرض، ولم يتذمر أو يشكو؛ وقد تقاعد بمرتب 60 ألف ريال برتبة عميد، ولم أسمع أنه طلب أجوراً لما يقوم به من حل لقضايا بين المتخاصمين والمحتكمين له، أو مقابل منافع يقدمها لأشخاص، أو السعي لإخراج منجزات ومتابعة مشاريع أو غير ذلك . وله معاناته في الإيجارات؛ حيث لم يتمكن من بناء سكن لأولاده، لا في المدينة ولا في الريف، ولم يستطع ادخار أية مبالغ لهم، لقد كان يعشق عيش البسطاء, والكادحين رحمة الله تغشاه ورفاقه أجمعين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مروان الغفوري ..
أحد الرجال الشرفاء القليلين في البلد.
والأبارة اختار خاتمة لحياته تناسب شرفه. ولعله الآن سعيداً. امنحه الرضا، يا رب، وامنح أهله السكينة والصبر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
احمد غيلان
كانت نظرته الحالمة بمستقبل أفضل لليمن واليمنيين، تتجه إلى آفاق تتجاوز آفاق الإصلاح والمؤتمر والناصري والاشتراكي والبعث والحق وكل الدكاكين والكانتونات الحزبية.. كان يحمل فكراً أوسع وأكثر نضجا ورحابة من نظريات اليمين واليسار والوسط ، وأصدق من تنظيرات المزايدين والمتنطعين والدجالين جميعهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدكتور عبدالملك منصور:
(جبل عظيم من جبال اليمن سقط شهيدا).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحيى سنان البعيثي
(رجل بحجم وطن
العميد /احمد يحيى غالب الابارة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المهندس/ حافظ مطير
لقد كان وميضا يضيء في عتمة الجهل والتخلف التي كرستها الأنظمة المتعاقبة.. فقد عرفته ينبوعا يفيض بالعلم والمعرفة وقائدا يتميز بالجلادة ورباطة الجأش.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابراهيم العامري
ماذا عسى المرء أن يقول في هذه الشخصية الوطنية السامقة التي وهبت نفسها ونذرت كل جهودها لمواجهة طغيان ونوازع الشر والاستبداد بلغة راقية وفهم عميق لأدوات الفساد والنهب المنظم لمقدرات المجتمع اليمني المدنية منها والعسكرية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نضال أحمد الشبلي
مسجد الأخلاق......
الموتُ مات
وأحمدٌ أحيا الحياةَ
وارتقى
نحو السماء
ليُطلعَ الرحمنَ
ما يجري على صدر البلاد
من العباد.......
....وتعجز أن تحيط به اللغات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمين المقطري
وكيل وزارة الادارة المحلية لقطاع الرقابة
هذا الرجل الذي لن تجود محافظة ريمه بمثله على مدى عقود من الزمن. .خسرناه جميعا وخسره الوطن. .ولا نامت أعين المتآمرين، وسلام عليك يا عميد أحمد الأبارة يوم ولدت ويوم استشهادك ويوم تبعث حيا في الخالدين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قائد علي شاطر
لا أبالغ أنني لم أفق بعد من هول صدمة النبأ الذي وصلني باستشهاده في معقل الشرعية ومقرها العسكري في منطقة العبر مع عدد من رفاقنا وإخواننا وأبنائنا جراء غارة للتحالف نتجت عن بلاغ خاطئ طبقا لاعترافات التحالف نفسه.
تماما ..أشعر كما هو شعور كل أبناء ريمة من وجهاء ومثقفين ومشائخ ومسؤولين رسميين بجلل الخسارة التي خلفها استشهاده ورحيلة في ظروف تبدو الحاجة إليه وإلى أمثاله ضرورة وحتمية لتجاوز كارثية ما وصلت إليه اليمن. كان مناضلا استثنائيا في زمن يندر الاستثناء على النحو الإيجابي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علي محمود يامن
العميد أحمد الأبارة أسطورة متفردة في فكره ورؤاه .. وعالم متجدد في نضاله وإباه.. يعشق وطنه حد التطرف. يأبى الضيم وإن كانت روحه الثمن.. يترجل أشرف ما في اليمن ويموت أنقى ما على تراب الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مهيب قائد علي شاطر
ماذا عساي أن أكتب عن مناضل رحل عنا وترك لنا صدمه الفراق والألم
سلام عليك أيها المناضل الجسور لقد عشت مناضلا وكل همك الوطن
أي نجم أفل وتوارى؟!! غادر الدنيا...وغادرنا.. أي عقل توقف عن التفكير في هموم الشعب والوطن ..أي قلب توقف عن الخفقان في الحب والخير والسلام والحرية؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طه الجند
أحمد يحي غالب هذا الثائر العنيد بقامته المديدة .. وحضوره الجريء .. يذكرني بأبطال الملاحم.. بزمرة الأحرار الكبار.. لا يساوم ولا يهتم بالمال، الصديق الذي كنت آنس بقربه وأعتز برفقته في هذا الزمن الواطي الذي تكاثر فيه العبيد والمتعيشون الصغار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبو الفضل الكحلي
وخسرنا علما من أعلام الحرية والكرامة. كان الشهيد وطنيا وصادقا وفيا لشعبه وأمته، لم تثنه المغريات والمناصب ولم يلن أو يهادن في قول أو فعل.. كان الصوت الصادح والمدافع عن الحق والحقيقة، وعن المظلومين. وكان رفيقا للبسطاء ومدافعا عنهم. كما كان الملاذ بعد الله لمن تقطعت بهم السبل امام جبروت الطغيان. كان الشهيد مناضلا جسورا وأبا حنونا وموجها ومرشدا ومعلما ومربيا حكيما وإنسانا بما تعنيه الكلمة من معنى الانسانية والقيم النبيلة والأخلاق الرفيعة والسامية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدكتور ثابت الاحمدي:
كان فوق الانسان ودون النبي. وإن شئنا قلنا أنه نبي إلا أنه لم يوح إليه..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبده صالح صالح الصيوي
عرفته كريم النفس وطنيا فذا الهمام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبدالحميد عبد الفقيه معوضه
فارس همام، ومربٍ فاضل، ومناضل جسور، وقائد عظيم. مهما طال العمر يا شيخنا فلن نرى لك في ريمة مثيلا قتلوك فقتلونا كلنا.. خانوك فأحسسنا الطعن في ظهورنا.. غدروك فذقنا المرارة في حلوقنا.
لكننا لن ننساك أبدا يا صديقي. كنت نعم القائد والمفكر والفيلسوف والثائر. نم قرير العين فلم يعد هناك من وطن يستحق الرجال من أمثالك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبدالقادر الجرادي:
نم قرير العين أيها العميد أنت وكل مخلص وقَف في صف الوطن ..عظم الله أجر محافظة ريمة وعظم الله أجر اليمن بكلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصلح الاحمدي :
العميد الأبارة كان مسكوناً بروح العزة والتحرر والإباء، مثقلاً بأفكار التعايش والتسامح، يرنو إلى وضع مداميك الدولة المدنية الحديثة، التي تقوم على أسس العدل والمساواة والحرية وتكافؤ الفرص بين جميع أبناء الوطن.
كان واسع الثقافة، كثير الاطلاع، صاحب حجة وقدرة على الاقناع.
خاصم المستبدين، وقارع الظلم، وحارب التمييز بين أبناء المجتمع اليمني، ولهذا فقد كان من أوائل المنظمين لثورة الشباب السلمية في 2011م، وظلت روحه الثورية التحررية عامرة بالفعل الثوري والسلوك التحرري إلى أن قادته إلى موطن العزة والشرف والبطولة، لترتقي من هناك إلى باريها الذي فطرها على هذه المُثل والقيم!
إن استشهاد العميد الأبارة في سبيل الله دفاعاً عن الوطن ـ غير مستغرب، فهذه ـ في الغالب ـ هي نهاية كل حرٍ أبي، يرفض الظلم ويقف في وجوه الظالمين، ويكره الاستبداد ويحارب المستبدين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهرم الشامخ
الشيخ محمد عبده مراد
وكيل محافظة ريمه
رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام بمحافظة ريمة
عضواللجنة العامة
لتعذرني روح الشهيد في ثراه الطيب، وليعذرني القارئ الكريم إن لم أف الشهيد حقه، فالحقيقة أنه لم يخطر ببالي يوما ما أن سيأتي يوم أكتب فيه عن صديقي وأخي العزيز الشهيد العميد أحمد الأبارة، فالحرف يسير على غير هدى، والنبأ لما تستوعبه عقولنا بعد!
وفي الواقع فإن ذكرياتي مع شهيدنا الكبير لها بداية وليس لها نهاية؛ فهي واسعة سعة صدره، ممتدة امتداد آفاقه.. اتفقنا كثيرا واختلفنا قليلا، ولكنه اختلاف الكبار..
كان الشهيد ـ رحمه الله ـ مشعلا متوهجا من النضال والإباء والصدق ومقارعة الفساد.. شجاعا في قول الحق، لم تثنه المغريات يوما ما أو تبهره زخارف الحياة.. شعاره على الدوام: الوطن فوق كل اعتبار..
رجل عاش بقيم الإنسانية في أرقى سموقها، وبروح النضال في أجلى صورها، فكان ـ بحق ـ مدرسة في النضال، ومدرسة في الإباء، ومدرسة في التعامل والقدوة، وإنه إن رحل عنا جسدا فإن روحه متجذرة في قلب ووجدان كل من عرفه وعاش معه..
والحقيقة أن حياة الرجل كالهرم الشامخ، من الصعوبة بمكان الإحاطة به من اتجاه واحد فقط، فلا بلد لمعرفة الهرم من الدوران حول أوجهه واتجاهاته كلها، وهو شأن العظماء وشأن الكبار في كل مكان.. وقد كان الشهيد الأبارة خير نموذج للكبار من العظماء الذين سيظلون فنارا للأجيال من بعده..
شهادة للتاريخ.. لم يعش الرجل خلال حياته كلها لنفسه فقط، بل عاش لغيره.. عاش لوطنه.. عاش لمجتمعه.. عاش بين الشباب كأنه واحد منهم مشاركا إياهم همومهم ومتبنيا قضاياهم، موجها ومعلما، بروح وثابة، وأمل متجدد على الدوام، لا يعرف التشاؤم أو الملل.. كما عاش بين الشيوخ والوجهاء بفكر راقٍ وعقل منفتح على الجميع، من مجلس إلى مجلس، ومن منتدى إلى منتدى، ومن رابطة إلى أخرى.. وهذا هو سر الحزن الذي بدا على الجميع، والفاجعة التي اجتاحت الكل بلا استثناء..
رحم الله الشهيد رحمة الأبرار، وأسكنه جنات عدن من تحتها الأنهار.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم اللواء الركن محسن خصروف
القائد الشهيد العميد احمد يحى غالب الأبارة، نبع الصفاء والوطنية الشجاغة...
رغم قرب عهدي بالقائد الشهيد الرفيق المناضل احمد يحيى غالب الابارة فإنه قد استطابسهولة ويسر واقتدار ان يحتل حيزا واسعا من اهتمامي به من اول لقاء عابر جمعنا في ساحة الثورة يعود الفضل فيه الى الصديق العزيز الرفيق عبده مرشد عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي . ماشدني منذ اللحظات وما تلاها هو نظرة العميد الابارة الثاقبة لمجمل ما يعتمل من جدل وتفاعلات في ساحة الثورة في صنعاء وكل الساحات وكلماته الموزونة بميزان المنطق العلمي، وإلمامه الواسع بخارطة القوى السياسية، والمتفق والمختلف عليه بينها، ومخططات قوى الثورة المضادة للعب بقوة في ميدان المختلف عليه بين قوى الثورة، وإدراكه الواعي لأبعد ومترتبات تلك المخططات وتحذيراته المستمر للشباب وللكثير من القيادات السياسية مما تخبئه القوى المتضررة من الثورة، وتصوراته للقادم المحتمل ليس على مستوى الساحات وحسب، بل على مستو الوطن الذي تدفعه، كما كان الأبارة يؤكد، نحو الاحتراب الأهلي، وبمحتوى هو ابعد ما يكون عن مفهومات ومفردات التفاعل والصراع السياسي المدني الديمقراطي المعاصر. لقد كان الشهيد احمد الابار يؤكد بتحذير ان المجتمع وقواه السياسية على شفى صراع طائفي سيكون اشد مرارة وتدميرا بالنسبة لكل الوطن اليمني، وأنه قادم على تمحورات غير وطنية، صار الرفيق الشهيد احمد يحيى غالب الأبار من اقرب الناس الى نفسي، وصرت من اكثر الناس اهتماما بكل انشطته وفعالياته الثقافية والسياسية ، وكان يحظى باهتمام قطاع واسع من الشباب والقوى السياسية .
وللشهيد الأبارة تاريخ حافل في مقاومة الظلم وكل اشكال القهر الاجتماعي، وهو في هذا علم في منطقته ريمة وكل محيطها الجغرافي وعلى مستوى الساحة اليمنية السياسية منذ اوخر النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، ومشهود له بأكان عف اليد واللسان ونصير لكل فقراء المجتمع اليمني ودافعا عن حقهم في العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة، وقد حدثني عنه بعض من قيادات وكوادر الحزب الاشتراكي والجبهة الوطنية الديمقراطية في ريمة وفي العديد من مناطق اليمن ولم يختلف اثنان منهم في وصف الرفيق الشهيد احمد يحيى الاباره بأنه كان رجل المهمات الصعبة غير الهياب الذي يتحدى المخاطر ويسخر منها...
تابعت بشغف جل انشطته الاخيرة على مستوى الوطن، ثم مسيرته الأخيرة الى الميدان في شرق الوطن ليكون قائدا فيه مقاتلا حتى الانتصار او الاستشهاد، وقد فاز بها باقتدار...رحم الله الشهيد القائد الميداني العميد احمد يحيى غالب الأبارة الذي خللف من بعده جيلا من المناضلين الأشداء ذوي العزم الذين لا يضعون نصب اعينهم سوى شعار النصر او الاستشهاد، وهم والله لها وسينتزعون، هم ، وامثالهم النصر المؤزر المحتم بعزيمتهم وإراداتهم الفولاذية الحرة التي لن تلين .المجد والخلود والرحمة للشهيد الابارة وكل الشهداء الابرار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماجد القشي
لقد رحل الشهيد وهو في ذروة العطاء النضالي والمعرفي، فقد حسم أمرة بانحيازه إلى الوطن لاستعادته من يد ناهبيه، وكانت خلاصة تجاربه هي المقاومة والنضال ومقارعة الفساد فهو كتاب من كل قلب تألف.. فقد خلد شهيدنا للراحة الأبدية ولم يمت علي فراشه، كما تموت البعير؛ بل مات وهو يؤدي واجبة الديني والوطني في ميادين والحرية والمقاومة والشرف..
لست أدري كيف يتخيل المرء إنسانا يريد التعبير عنه بجواره وعن قلب ملؤه الوطن وهو وطن تملؤه المحبة والتسامح والشموخ والتواضع. وفجأة وفي ليلة غادرة يذهب الوطن والحب والجمال والحياة بغارة غادرة من يد غادرة ملؤها الحقد على أن يكون لنا موقف في استعادة وطن وإعادته إلى أحضان الغيورين من محبيه.
إنهم لم يقتلوه، ولكنهم قتلوا أمةً يحملها رجل بين جنبيه يدعو إلى المحبة وإرساء مداميك الدولة المدنية الحديثة، ثم لم يبق لنا سوى الحزن الدفين رغم موت أعظم الرجال وأنبلهم.
المجد والخلود لشهيد الوطن والنضال عميد الشهداء العميد أحمد يحي غالب الأبارة، وعهدا علينا مواصلة النضال الذي آمن به.
الخزي والعار للقوى الظلامية، ولا نامت أعين الجبناء..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منيره محمود يحي غالب
عمي الحبيب
لقد تركت في نفس كل واحد منا اثرا عظيما فكنت الاب الجليل والاخ الحنون والقريب غير البعيد والكتاب المفتوح لنا جميعا لدرجة اننا لم نشعر يوما ان مسؤلياتك تجاه الوطن والاخرين قد شغلتك يوما عننا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علي الشرف
كان الشهيد رحمه الله من الكفاءات اليمنيه النادره والنزيهة تتسم حياته بالبساطة والتواضع والاطلاع وحب المعرفه؛ كان يتنقل بين النخب السياسية والشبابية كأنه نذير قوم يحذرهم من خطر داهم وشيك ؛ طالما ضمتنا نحن وهو مقائل وجلسات وندوات نقلب فيها الرؤى والافكار للبحث عن مخارج لهذا الوطن الجريح؛ وكان يحذر من مخاطر المشروع الامامي ويراه في الافق بعين الناقد البصير ينتمي احمد يحيى الاباره الى الفقراء والبسطاء وهو آتي من قلب معاناتهم وقد صقلته التجارب وانضجت انسانيته وذهنه في معرفة المخاطر والحث على طرق النجاة من الفشل؛ وقد ابى ان يبقى قيد التنظير كما هو حال كثير من النخب وكان كلما اشتدت المحن باليمن اشتد تفاعلا مع احرار اليمن فلا تجده الا في ثغره يحاول من خلالها درء خطر او الاسهام بعمل ايجابي لانجاح المشروع الوطني الذي آمن به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهد سلطان
بعد رحيله المؤلم, بقيت لأسبوع كامل لا أكاد أصدق بأنه رحل, وقد كنت ممن توفق للوصول إلى نفس المعسكر الذي استشهد فيه وشاركت في تشيع جنازته ورفاقه من الذين قضوا في ذلك الحادث المؤلم.
تلك اللحظة التي شعرت بحجم الفاجعة وحجم الكارثة التي تركها رحيل شخصية وطنية بحجم أحمد الأبارة في لحظة كانت اليمن أحوج ما تكون إلى مثل هؤلاء خلال الفترة القادمة.
اكتشفت أشياء كثيرة عنه اليوم , وأنا ابحث عن تاريخ الرجل , وأسمع شهادات كثيرة وحب واسع من محبيه ورفاقه, وقد كنت واحدا من الذين لم يعرفوا عنه سوى أشياء قليله وبسيطة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدر علي ناجي العزي
العميد احمد يحي غالب الابارة
رجل التنمية الاول في ريمة
لم يكن مجرد كلام أو شعارات بل كان يسعى الى مختلف الوزارات والمصالح والمنظمات والصناديق المهتمة بالتنمية لمناقشتها ومطالبيتها وانزال اللجان المختلفة لادراج المشاريع في خططها ، منها ما تنفذ ، ومنها ما تعثر، ومنها مازال في خطط تلك الجهات .
أخيرا لا أعتقد اننا نفيه حقه ، ولكني كواحد ممن شارك في قيادة التعليم والتنميية في هذه المحافظة ، اشهد أن حماسه ونشاطه رفعه الى درجة رجل التنمية الأول في المحافظة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاعلامي احمد المكش
رحلت لتبقى
كل يوم نبكي وطنا واليوم نبكي وطنا آخر يا ولدي رحل عنا قسرا.. رفيق كلمة وبندقية فارقنا بشموخ في سبيل وطن..
آمن بقضية فانتصر لها بدمه الزكي.. كفر بكل أصنام الداخل والخارج.. رجل بحجم وطن.. لذلك قتله الأعداء فقط لأنه جسَّد فلسفة وهوية يتعلم منها الأجيال معنى الانتماء لهذا الوطن.
ذلك الملهم والرفيق.. أسد الشهداء رفيق الحرف.. اللواء المناضل أحمد يحيى الأبارة.. من رحل ليبقى.
في رعاية الرب أيها الرفيق، ومثلما دعوتني وودعتني قبل رحيلك إلى الرفيق الأعلى بثلاثة أيام ها أنا ذا أبكيك دوما أيها الوطن المعطاء..
..........................................
هل غادر البحر...مرثاة لروح الشهيد العظيم أحمد يحي الأبارة.
بقلم المكلوم محمد اسماعيل الأبارة.
هل غادر البحر والأنهار والجبل.
لما الحنايا شواها الحادث الجلل.
الأفق دام مسجى بالحدادهنا....
ومقلة الأرض بالأحزان تكتحل...
يا أحمد الضوﺀ ناب الليل ناشبة..
وجمر آمالنا ماانفك يشتعل....
نفخت فينا مضاﺀ لا انطفاﺀ له...
ألهمتنا كيف فينا يورق الأمل...
خمسون عاما تشب الروح في دمنا...
قصائدا لقوافي الفجر تنتعل...
كم صغت حرية الإنسان أغنية...
في مهجة الأرض والإنسان تنهمل...
قذائف الغدر لو من نهرك اغتسلت...
والله لاستغفرت وانتابها الخجل.
يا أحمد المهجل الريمي يا وترا.
لجرس مغناه جرح الشعب يندمل..
انشودة أنت في سفر الزمان لها...
يعشوشب الحرف ترنو صوبها القبل...
لم يرتهن فيك للطغيان نصل ضحى...
يوما ولم يعتقلك الوهن والوجل.
اجريت نهرك بالسلم المبين على.
يباب قوم علي شنق المنى جبلوا...
نذرت عمرك للحكم الرشيد وهم.
في غيهب (الفيد) كم لجوا وكم قتلوا...
هيهات يا احمد الهامي بمهجتنا..
في روحنا أن يغيض الموسم الهطل...
يا أيها الفيلق الإنسان حبلك يا...
من جدت بالنفس بالرحمن متصل..
تالله ياأحمد الكوني أنك في..
كل المكارم نعم الفارس البطل..
يارب واجعل جنان الخلد مسكنه.
وصحبه..من لأنهار الدما بذلوا...
.................................
بقلم محرر في صفحة شخصية من ريمه
#شخصية_من_ريمه
حقوق النسخ والنشر محفوظة لصفحة شخصية من ريمة.
و نسمح بالنسخ والنشر شريطة ذكر المصدر اسم الصفحه و رابطها على الفيسبوك المرفق رابط الصفحة
تنبيه
الصفحة مختصة بتجميع الترجمات لشخصيات تنتمي الى محافظة ريمة من جميع التيارات و الانتماءات الفكرية والسياسية والثقافية والدينية دون تمييز .
محرر في صفحة شخصية من ريمة