مقدمة
عندما سأل صحفيٌ شاعرنا في حوار اجراه معه بقوله من هو ياسين محمد البكالي ؟ يقول عن نفسه نشأت من أسرة ارستقراطية تلاشت مع الزمن في ظل الظروف السيئة التي تمر بها البلاد
اما نحن وقبل ان نغوص في السيرة الذاتية لهذا العلم من اعلام محافظة ريمه يجب ان انقل لكم ملاحظاتي وانطباعاتي التي رسمت في أعماقي و وجداني صورة خاصة عنه مختلفة عن كثير ممن لم يغوصوا مثلي في البحث والتدقيق عن تفاصيل سيرته الذاتية فوجدت ان هناك محطات في حياة هذه الشخصية الاستثنائية فهو استاذ و شاعر و قاص و روائي وفيلسوف . وكما قلنا هناك محطات هامه في حياته يجب التوقف عندها والاستفادة منها لنتعلم كيف نتجاوز الاوقات الصعبة التي قد تطرأ على حياتنا دون سابق انذار ،
ربما كان لموهبته الشعرية الناضجة دور في تجاوز الاوقات الصعبة وربما فلسفته الخاصة في الحياه طورت قدراته الذهنية وحسّنت افكاره الادبية في احلك الظروف وجعلت من تلك الاوقات الاستثنائية مصدر الهام له .
تأملت كثيرا وقارنت حياة اشخاص مبدعين تحطمت نفسياتهم وتلاشت قدراتهم الابداعية في عواصف الزمن والظروف التي مروا بها ولكن الشاعر البكالي استطاع ان يحعل من الظروف القاسية والاوقات الصعبة مصدرا للإلهام مستندا على جدار من الايمان الراسخ في كيانه ووجدانه ايمانا بأن ما اصابه لم يكن ليخطئه ايمانا استطاع به ان يتجاوز الاوقات الاشد قسوة في حياته فخمس سنين من المعاناة ليست بالفترة القصيرة صاحبها اصابته بالسكري الذي فاقم الوضع وجعله حبيس الجدران في منزله بين كتبه ودفاتره واقلامه يقرأ اكثر مما يكتب ونتج عن تلك الوحدة والسجن الاجباري ديوان من الشعر ورواية ربما كانا من اجمل ما كتب .
وما ان تحسن وضعه الصحي في 2008م بعد خمس سنين عجاف حتى ظهرت مواهبه التي صقلها خلال تلك الفترة التي ربما يراها البعض سجنا( وهي كذلك بالفعل ) لكنه حولها باسلوبه الخاص الى هجرة الى عالم اخر لغرض اخذ العلم فقد كان لا يشبع من القراءة والتي ربما خففت عنه الكثير وجعلت تلك الظروف تخفف من وطأتها عليه لانها ادركت انه لا فأئده من بقاءها معه فهي مهزومه لا محاله. ومن خلال سيرته المرفقه سنجد ان مؤلفاته شعرا ورواية وقصصا بدات بالتكاثر والظهور للعامة منذ عام ٢٠٠٨م اي بعد انتهاء تلك المرحله من حياته.
ورغم تكرار المعاناة في 2018 اثر خطأ طبي نتيجة عملية اجريت له عام 2007 لعينه في احد مستشفيات صنعاء تسببت في نزيف في شبكية العين اضطر الى السفر الى القاهرة لاجراء عملية لاصلاح ما افسدته العملية التي اجراها في اليمن .
وعاد ليواصل المسير وقد اتحفنا بمؤلفات جديده بعد عودته من القاهره وهي عباره عن ثلاثة دواوين شعرية وقصة كما هو مبين في السيرة المرفقة.
السيرة الذاتية ;
_________
محل وتأريخ الميلاد :-
ولد الشاعر والقاص / ياسين محمد أحمد سعد البكالي في قرية الدرجة عزلة #بكال مديرية #مزهر محافظة #ريمة عام1980م.
الحالة الاجتماعية :-
متزوج وأب لولدين وبنتين يقيم في امانة العاصمه
المؤهلات العلمية:
__________
- درس المرحلتين الابتدائية والاعدادية في مدرسة عقبة بن نافع في قرية الدرجه بكال
- ثم انتقل الى العاصمة صنعاء ليكمل تعليمة الثانوي في ثانوية عمر المختار والتي تخرج منها من القسم الادبي .
- حاصل على بكالوريوس تربية قسم ( فلسفة وعلم اجتماع ) جامعة صنعاء عام 1999م
- يحضر ماجستير تخصص ادارة تربوية.
اخر عمل كان فيه قبل رحيله :-
مُوجّه تربوي في سلك التربية محافظة صنعاء
بدا في نظم الشعر في العام 2000م وكانت اولى قصائده في 2001م بقصيدة بعنوان مايو وشجون الحب سنرفق بعض ابياتها.
مايو وشجون الحب
..........................
مايو أيا صحوة الأمجادِ في ذاتي
ويا نسيماً تلقّتْهُ عِباراتي
قلْ لليمانين إنّ الشمس ما غرُبتْ
إلا وأشرق مايو في مساءاتي
قل لليمانين إن الحرب ما ابتدأتْ
إلا وكبَّرَ مايو فوق موجاتي
قل لليمانين إن الطير ما سكرت
إلا وغرد مايو في حديقاتي
وأن آلاتِنا الشمّاءَ ما صنعتْ
إلا وزمجر مايو في مُعدّاتي
قل لليمانين إن نامت ثقافتُهم
فإن مايو غدا ربَّ الثقافاتِ
قل لليمانينَ أني عاشقُ فطَنٌ
وأن مايو غدا أحلى عشيقاتي
قل لليمانين أني طائرٌ دنِفٌ
وأن مايو هواءٌ في مطاراتي
وأن مايو هوَ الأفراحُ أصنعُها
لكل طفلٍ بتقبِيلِي وضمّاتي
وأن مايو أبو الأعرافِ سيّدُها
وأن مايو تقاليدي وعاداتي
سأعلنُ اليوم باسمِ الشعر ثائرتي
وأطلبُ اليوم من إبليس مرضاتي
أبى سجوداً مُذيعاً حقدهُ لأبي
فليسجُدِ اليوم - قسراً - لانتصاراتي
هنا على صهوةِ التأريخ ذاكرتي
كانت تسافرُ في أفياءِ لذّاتي
تُنمنمُ اللحنَ مِن أزهار موهبتي
فتحتفي طرباً من صُنعِها ذاتي
هنا التقينا على أنقاضِ فرحتِنا
حيٌّ بحيٍّ وأمواتٌ بأمواتِ
____
_______
الاصدارات الأدبية:-
_________
1- ديوان (همسات البزوغ ) عام 2007م .
2- ديوان ( أحزان موسمية على الضفة الغربية) عام 2009م
3- البوم الكتروني -شعر-2011
4- ديوان (مناسك غربةٍ لم تكتمل بعد) عام 2012م _الصادر عن مركز عبادي.
5- ديوان(أشرعةٌ تصلي في حضرة البحر)
6- ديوان (النزوح الأبيض إلى حروفٍ لا تعرف الجهاتْ)
7- رمق ايل للحياة : من خربشات طفل -شعر -2017
8- أحد ما يشتكي الآن منك - شعر – 2019
9- قبل ان يطفئ الماء قنديله - شعر – 2019
10-- مخافة أن...(ديوان شعري مطبوع 2020)
11-ديوان شعري بعنوان _ ليس في باله ان يعودِ- 2021
12- كتاب بعنوان واستدار رغيف من الذكريات 2023
13- ديوان شعري بعنوان _ ثم قال الغريب - 2024
له تحت الطبع :
- رواية (وردة النار)
- عمرة وسرب قصائد
الإسهامات الفنية والأدبية:-
________
• عضو إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين
• عضو مؤسسة إبداع للثقافة والآداب
• عضو مؤسس في المنظمة اليمنية لحماية الدستور والقانون
• عضو مشارك في ملتقى الشباب الثالث للفائزين بجوائز رئيس الجمهورية عام| 2009م.
• رئيس منتدى شعراء ريمة
• مشارك في الكثير من الفعاليات الثقافية والمهرجانات على مستوى الوطن .
• حاصل على جائزة رئيس الجمهورية في محافظة ريمة لعام 2008م في مجال الشعر.
• مُشاركُ أساسي في (مُلتقى الشعر النبوي) في تريم عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2010م.
• كاتب ومشارك في الكثير من الصحف الرسمية والوطنية والعربية .
• حاصل على العديد من شهادات المشاركة في الفعاليات والصباحيات والندوات الثقافية .
• حاصل على جائزة أفضل إلقاء للشعر من جامعة صنعاء لعام 2008م .
• حاصل على جائزة ودرع أفضل شاعر في جامعة صنعاء لعام 2011م
• حاصل على المرتبة الثانية في مسابقة شاعر الثورة اليمنية السلمية لعام 2012م.
• مشارك في إعداد إعداد ألبوم شعري مسموع بعنوان (حرائق بيضاء) لعام 2011م مع كوكبة من شعراء اليمن.
• إعداد أوبريت غنائي بعنوان (الحوار الوطني) الذي أنتجته فرقة الفراشة الفنية لعام 2012م .
• حاصل على شهادة مشاركة في مسابقة (شاعر زبيد) التي نظمتها هيئة مكتية زبيد عام2013م
• حاصل على شهادة مشاركة في برنامج( شاعر الحوار) الذي نظمته مؤسسة وجوه للإعلام عام 2013م.
• حاصل على شهادة مشاركة في ملتقى الإبداع الشعري الأول الذي نظمته مؤسسة (إبداع) للثقافة مارس 2014م
• حاصل على المركز الثاني في جائزة السنوسي الشعرية الدورة السادسة من بين تسعين شاعرا في العالم العربي.عام ٢٠١٦م
• فائز بجائزة برنامج فرسان الشعر الذي تبثه قناة رشد الفضائية عن قصيدته متوكِّئٌ بالحُزنِ في عام 2016
• حاصل على درع شاعر الإنسانية من جامعة الرازي 2018
• حاصل على درع الاول و افضل شاعر في منتدى شعراء ريمة 2018م.
• حصل على المركز الأول في مسابقة "أقلام حول المرأة" التي نظمها منتدى ومجلة أقلام عربية على مستوى الوطن العربي 2021م
• عضو تحكيم في العديد من المسابقات الشعرية
أهم الفعاليات التي أقيمت له ;
- أمسية شعرية في نادي جده الأدبي عام2015
- أمسية شعرية في نادي الطائف عام 2016
- ضيف شرف في ملتقى قراءة النص الأدبي في السعوديه عام 2019.
_____
من قصائده; الرائعة اخترت لكم قصيدة قبلةٌ في مقام الذهول اتي قالها في النبي محمد صلى الله عليه واله وصحبه وسلم
_______________
قبلةٌ في مقام الضحى
____
هذي يدي مُدّتْ فمُدِّ يديكَا
لأوزّعَ القُبلاتِ في كفّيكَا
يا سيدي وإلى فؤادِكَ مُدِّ لي
جِسراً من الكلماتِ كي آتيكَا
يا سيدي، وأحُسُّ أنكَ في دمي
نهرٌ وأني صرتُ أجري فيكَا
سبحانَه مَن جاءَ بي وعلى فمي
ألقى سلامَ العاشِقينَ عليكَا
هذا حبيبُكَ يا فؤادي ذُبْ به
وابْشِرْ فقلبُ الكونِ صارَ لديكَا
قلبي، صلاةُ الشُكر، روضةُ أحمدٍ
أمَّتْ بنا البُشرى إلى عينيكَا
فتَكَشّفَ المجنونُ في لُغتي التي
هبَّتْ تُصافِحُ كل مَن يأتِيكَا
طه.. ويبتسمُ الزمانُ بجانبي
وكأنه مثلي يحِنُّ إليكَا
الإبتسامةُ دمعةٌ سقطتْ على
روحِي فخرَّتْ بي إلى قدميكَا
آنَسْتُ باسمِكَ يا حبيبُ قصيدتي
فأتَتْكَ يهتِف حرفُها لبّيكَا
............................................
له قصيدة معارضة لقصيدتين احداهما لابو تمام والاخرى للبردوني ويمكن الاطلاع علي الثلاث القصائد
هذا رابط لثلاث قصائد لثلاثه شعراء عرب كل شاعر يأتي من عصر عربي مختلف
ابو تمام في العصر العباسي
والبردوني في عصر النهضه العربيه
والبكالي في عصر ما بعد الالفيه الثالثه
على الرابط هنا
..........................
الوفاه :
توفي يوم الخميس 15 مايو 2025 الموافق 18ذو القعدة 1446هجرية في العاصمة صنعاء ودفن في مقبرة النصر بالعاصمة صنعاء بعد صلاة ظهر الخميس .
له قصيده نعى فيها نفسه
سأموتُ بعدَ قليلِ
فانتظروا
لكيْ أبكِي عليّا
وقِفوا جِواري هادئِينَ
دعوا الحروفَ تُحيطُ بي
ولسوفَ آخذُها إلى ربّي
أقولُ لهُ : إلهي
العفوَ هذا ما لديّا
سأموتُ بعدَ قليلِ
فاحتشدوا عليَّ
فرُبّما سأكونُ أفضلَ
ربّما أُنهِي قراءةَ كلِّ أسماءِ الغيابِ
وأكتفي بصلاةِ هذا الشعرِ فِيَّا
أو رُبّما أنجو من القلقِ الذي أعتادُ رؤيتَهُ عليكم
رُبّما أُغري بهِ قبري
وأمضي عنهُ حينَ يقولُ هيّا
لا بأسَ يا قبري
ستَحفرُكَ الحكاياتُ القديمةُ
لم يعُدْ ياسينُ
مُحتاجاً لبيتٍ
صارَ يرمي باسمِهِ
للريحِ
يتهجَّى الأماكنَ في شتاتِ اللارجوعِ
يعيشُ كهلاً في زُقاقِ الغيبِ
يأكُلُ نفسَهُ
يرتاحُ منّي
حينَ أقفزُ
حولَ هيئتِهِ صبيّا
سأموتُ بعدَ قليلِ
لا داعي لأن تتَذكّروا ما كانَ من حُزني
ولا تخشوا على ما ضاعَ مِنّي
إنَّ مَن هرعوا لكي يَستقبلونيَ في البعيدِ
يُهمُّهُم أن يُصبحَ الصلصالُ أكثرَ قدرةً
في الكشفِ عن سِرِّ الحياةِ
تفقَّدُوني في ابنةٍ خلَّفتُها في النصِّ
ذاتَ سكينةٍ
لأكونَ أقوى حينَ يسألُني الإله
وحينَ أرجعُ من جلالتِهِ إليَّا
سأموتُ بعدَ قليلِ
يا امرأةً تُرتّبُ غُرفتي
انتبِهيْ
فخلفَ البابِ ثمّةُ مشجبٌ
علَّقتُ أخطائي عليهِ
ولستُ أدري هل سأحملُهُ معي ؟
ما زلتُ مُختنقاً بحبّةِ إسبرينٍ في فمي
غصَّتْ برِيقٍ لم أجدْهُ
ورُبّما غصَّتْ بحُلمِ فتىً على أعصابِهِ
تقِفُ الثُريا
الحقُّ أنَّ المشيَ فوقَ الماءِ رغبتيَ الوحيدةُ
لم أعشْ أبداً لأشربَ مِلءَ كأسي
رُبّما في الموتِ
أخرجُ عن سِياقي
ربّما سأصيرُ حيَّا
سأموتُ بعدَ قليل
وانكشفَ الغطاءُ
دمٌ يَخافُ كتابةَ النبأِ الأخيرِ
محاولاتٌ لاستعادةِ لحظةٍ للجريِ في عرصاتِ مشوارٍ طويلٍ
كانَ فيهِ الوقتُ عاديّاً
تناهى الآنَ صمتاً مُطبِقَ العينينِ
يفرضُ نفسَهُ
ويغوصُ في أنفاسِنا
شيئاً فشيّئا
سأموتُ بعدَ الآنِ
لا تتوَقّعُوا أنّ المسافةَ بينَ ميلادي ونعشي
خُطوةٌ ما بينَ هوّةْ
أو حديثٌ
سوفَ نرسِمُهُ على جُدرانِ مَن رحلوا
سَويّا
هيَ لحظةُ الإفصاحِ
أنكى من جوابٍ فاشلٍ
ما زلتُ أهجُرُهُ ملِيَّا
الآنَ
معذرةً رِفاقي
إنّ نظرتيَ الأخيرةَ
كلّما أخفيتُها عنكم
ترنَّحَ في يدي عُمرِي
وهرولَ في ضلوعي
ذلكَ الطفلُ المُشاغبُ
صارَ يلفِظُني على سطرِ النهايةِ
فاستعدِّوا للوقوفِ
على المشارفِ
لَوِّحُوا للفقدِ بالأيدي
فقد أضحى جليِّا
.....
من رسائل النعي التي نشرت بعد وفاته :
١- الشاعر المهندس محمد إسماعيل الابارة
يا صديقيَ
حتما سألقاك
حتما سنلقى لدى الله، ما لم نجد في غياهب هذي الدنا الفانيةْ
حيث ثمة للحب معنى وللكلمات وللأحرف الحانيةْ
يا صديقيَ
حتما سنلقى بلادا نحط بأفيائها رحلنا آمنين ونلقي قصائدنا الساميةْ
٢- الاستاذ / مفضل إسماعيل الابارة
(حكم المنية في البرية جارِ
ماهذه الدنيا بدار قرار
بينا يُرى الانسان فيها مخبرا
حتى يُرى خبرا من الأخبار
العيش نوم والمنية يقظةٌ
والمرء بينهما خيالٌ سارِ)
#لانكاد نستفيق من فاجعة حتى نصدم بأخرى ..بعد صلاة الفجر يقول لي ولدي أنس عظم الله أجرك في ياسين البكالي.. ليتك لم تقلها وليتني لم أسمعها ..
مازال صوته في اذني وهو يكلمني اول امس عن حفيدته المريضةشفاها الله ..ما أسرع مارحلت يا أخي وصديقي النبيل
إنا لله وإنا إليه راجعون
لقد عاش ياسين الحياة رحلة كفاح مريرة مضنية ..وآن له أن يستريح بجوار ربه الرحيم المنان ..وأن يترك لنا عناء فقده ومرارة فراقه ..
أما هو فماعند ربه ابقى له وأكرم..هذا ظننا بربنا الكريم وهذا ظنه ايضا فهو الذي يقول
ياشاعرا في الارض ينتظر السما
بالقرب من مولاك طمئن بالك
لاتترك الدنيا ولاتمسك بها
فالعيش في ملكوته أبقى لك
#لقد خسرك الشعر والابداع ..وخسرك الوطن وخسرتك الأمة ..ايها القامة الابداعية السامقة ..وخسرك محبوك واصدقاؤك ..ولكن إرثك الشعري والابداعي خالد لايزول
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولكنا لانقول الا مايرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون
تعازينا لأهله وذويه وكل محبيه
ولاحول ولا قوة الا بالله
المكلوم مفضل الابارة
٣- نبيل هادي
لم يكن الشاعر ياسين محمد البكالي مجرد شاعر بسيط او شخص عابر
وانما كان ظاهرة ادبية نادرة وموهبة فذة تكاد تضي ان جاز لي الوصف
لقد كتب مواجعه التي هي مواجعنا قبل ان يموت
وغادرا مخذولا ممن حوله من افراد او جهات
لقد كان حاضرا في كل همومنا حينما غبنا عن همومه التي اثقلت كاهله واردته باكرا رحمه الله
لو كان ياسين في بلد غير اليمن لحظي بتكريم وتقدير كبيرين
ولما ترك وحيدا في معترك صعب وشاق يفوق قدراته
لقد كانت قصيدة مدح كاذبة كفيلة برفع كل معاناته غير ان مبادئه الطاغية حالت دون سقوطه في وحل الدفع المسبق
لم يكن مؤطرا او مؤدلجا الا للحقيقة وحسب
لم يرتهن لاحد او يجعل حرفه الثمن تحت تصرف من يدفع اكثر
واختار ان يكون حرا بفكره ومستقلا بحرفه رغم ادراكه عواقب الاستقلالية في زمن الاستقطابات الحاليه
لقد كان حكاية وطن خذله الجميع
فخسر حياته ليحافظ على المبادئ حينما تخلى عنها الكثير
لم تكن لي به معرفة شخصية ولكنني سمعت عنه وقرأت له
لقد كان فيلسوفا قبل ان يكون شاعرا
ولست بصدد الحديث عن جودته الادبية التي هي بلا شك ناصعة الظهور والحضور والاشعاع
واخترت الحديث عن واقعه المضني الذي رافقه طيلة حياته
حتى اسقطه باكرا
لقد غادر الاستاذ ياسين مخلفا اثرا حميدا وتجربة ملهمة وقصة كفاح ناجحة
وهكذا فليكن الرحيل والا فلا
رحم الله الشاعر الكبير ياسين البكالي وغفر له وتقبله قبول حسن
والهم اهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان
انا لله وانا اليه راجعون
٤- الناقد والشاعر / خالد الضبيبي
إن قصائد الرثاء التي كتبها فقيدنا الراحل ياسين محمد البكالي وانتشرت الآن في الفضاء الافتراضي كالنار في الهشيم، لم تكن رثاءً للنفس، بل رثاءً لجيل بأكمله، جيل تم تهميشه، بل غاص في نزاعات الزمن وتاه حتى التفكك التام. لهذا يجب أن نقرأ شاعرية هذا الشاعر في فضاء عام، أبعد من عزاء النفس، وأبعد من عزاء الذات، رغم ما احتوت عليه تلك الذات من وجع وألم، إلا أنها كانت تضمر همومها ضمن الهم العام. إنها سيرة الشتات، ومأساة اليمني الذي فقد هويته. إن تلك القصائد عزاء لجيل بأكمله، لهذا لا تربطوها بشخص الشاعر؛ لأن الشعراء مرآة مقعرة لواقعهم وحياتهم وأوطانهم.
٥- الشاعر عبدالواحد عمران
إلى روح فقيد الشعر والأدب الشاعر الكبير/ ياسين محمد البكالي تغمده الله بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كم زارك الموت يا ياسين من مرةْ
وعــــاد، كان يـرى أحـوالك المُـرة
كـــم مـــرةٍ جاء والفنجان في يدك
اليسرى ولا سكر فيه سوى الحسرة
كل الذي كــان يلقـــــى في زيارته
لك ابتسامـة إنـسـان على الفـطـرة
يـــــرى عـلـى قـطـع الأوراق قامتك
الطولى التي تكره الأضواء والشهرة
يراك تطـحـــن فيها قـمـح روحك،
للأطفال تدخــر المعنى لهم بذرة
وكان يعرف عن أمر اغترابك في
هـذا المدى باحثا عن عِيشةٍ حره
وكنت تروي له تغريبة اليمن الإنـ
ـسان والجــوع لم يترك له كسره
وهكذا يستحي إطفاء شمعتك الـ
دنيا وترجـوه حـتى تكبر الأسـرة
يمضي وعيناك تبدي سر خوفهما
الكبير منه وتخفـي منك ما تكره
ياسين.. والآن ماذا جـــد بينكما
حتى امتثلت له في هذه الزورة
وحد القصائد تدري كيف داهمك
الوحيد هذا وأحصى هذه الكثره
ألقيت صخرة هذي الأرض عنك فمن
سيحمل اليوم عن إنسانها الصخرة
༺༻༺༻༺༻༺༻
أمير الشعراء
عبد الواحد عمران
15 مايو 2025
٦- الشاعر بديع الزمان السلطان
لا أُجِيدُ الرِّثااااءَ يا " ياسين ُ "
خانني الشِّعرُ، مالهُ لا يخونُ؟!
أيُّها المُختفي وراءَ دُموعي
أنا دمعُ الأسى وأنت العُيونُ
أيُّها الرّاحلُ النّديُّ كـ حُـزْني
لستُ أدري الرَّحيلَ كيف يكونُ!
رُبّما إنْ رحلتُ بعدكَ...، أدري
أنَّما الموتُ راااحةٌ وسُكووونُ
كيف غالبتَ موتَكَ المُرَّ عُمْراً؟!
ثُمّ أغراااكَ "حُلْوُهُ" المَسكينُ!
كان داااءً أَحَـنَّ مِنّا دَوَاااءً
ومَمااااتاً تعيشُ فيهِ القُرُونُ
مَن نُعَزّي؟ وكُلُّنا اليوم موتى
وحدهُ الحيُّ بيننا "يـاسـيـنُ"!
بديع الزمان السلطان
٧- وجدان المعمري
رحل ياسين.. حين لم يعد للكلمات فائدة '
مات ياسين
الشاعر الذي كتب دمه على الورق، ونزف وجعه على أسطرٍ تنفّست الحزن،
صرخ من قاع القلب، لا ليُسمع… بل لأنه لم يجد طريقًا آخر للنجاة.
رحل ياسين البكالي، بعد أن أودعنا كل ما فيه:
قصائد كانت ترتجف من شدة الصدق،
كلمات تقطر وجعًا،
وصوت كان يشبه شهقة وطن مختنق.
لم يسمعه أحد…
لم يلتفت إليه أحد…
تعامى عنه من كان يجب أن يسمع، وصمّت آذانها من ادعت القرب.
واليوم؟
اليوم يبكونه!
يبكونه بدموع متأخرة، بنفاق مفضوح،
وكأنهم كانوا يومًا هناك، يشدّون على يده وهو يكتب،
كأنهم حضروا حروبه مع اليأس والجوع والخذلان.
لكن لا بأس،
الشعراء لا يموتون لأن أحدًا لم يسمعهم…
يموتون لأنهم قالوا كل شيء، ولم يتغيّر شيء.
سلامٌ عليك يا ياسين،
سلامٌ على قصائدك التي بقيت،
وعارٌ على هذا العالم الذي لا يقرأ الشعراء إلا في النعوات!
٨- الشاعر يحيى الحمادي
مات صديقي الشاعر الكبير ياسين محمد البكالي ، بعد أن كتب وجعه وأذاعه كما ينبغي، لكن لم يقرأه أحد، صرخ في قصائده حدّ الحجة، وتعامى وتصامى الجميع عنه، واليوم يبكون عليه وكأنهم كانوا بجواره، ليست المرة الأولى التي يموت فيها، لكنها الخاتمة، رحل منكم وفي قلبه خذلان لن تمحوه دموعكم.
إلى الخلود يا ياسين
٩- العميد الركن علي محمود يامن
لحقت بالقطار يا ياسين محمد البكالي
في آخر لقاء بك قبل أسابيع على سفوح احد جبال الطائف استعرضنا معا من رحلوا قبلنا ممن ضمنا بهم الوطن المنفي وهم كثر وكانت رفقتنا في الأيام الأولى لمغادرة اجسادنا لليمن الساكن في قلوبنا وارواحنا الذي غادرناه ولم يغادرنا كنا معا كوكبة جمعها الاسى على بلاد احبها الله وضيعتها النخب
ووجم السؤال عن الإجابة دور من القادم وكنت انت يا صديقي استعجلت الرحيل يا صاحبي قبل ان يعود الوطن الذي خذلك قادته ونخبه
أعطيته بلاحدود من فيض إبداعاتك سكبت روحك على ضفافه حبا وقوافي ورائعات القصيد
كنا على موعد ان تعود لتقضي ما تبقى من رحلة العمر عند رحاب الله الطاهرة
لكنك ارتقيت إلى عالم الخلود عند مليك مقتدر نسأل المولى بحوله وقوته ان يجمعنا بك في مستقر رحمته وفضاء جناته حيث لا حدود ولا تأشيرات ولا حاجة لبشر
اوجعني رحيلك المبكر يا صاحبي وعلقت بي غصة ستظل عالقة ما حييت
( يا شاعراً في الأرضِ ينتظرُ السما
بالقُربِ مِن مولاكَ طمئنْ بالَكْ
لا تترُكِ الدنيا ولا تُمسِكْ بها
فالعيشُ في ملكوتِهِ أبقى لكْ )
رحمك الله وعظيم العزاء للحرف والقصيدة والقافية والنبل الذي رافقك حتى الوداع الأخير.
١٠- الشاعر / زين العابدين الضبيبي
كان يمشي بمحاذاة الموت منذ عشرين عامًا، وكأن كل قصيدة كتبها هي أيام يستقطعها من عمره، مرات كثيرة استعدته من فم الموت وكدت أن أموت معه، شاعر مسكون بالقلق والطفوله، طرق كل الأبواب ليعيش أو ليتعايش مع الأدوية والأمراض الكثيرة التي أنهكت جسده.
اختلفنا كثيرًا واتفقنا أكثر على المحبة دائما وكنا على أمل اللقاء.
ياسين محمد البكالي هو الشاعر الوحيد الذي كان يسافر للعلاج لا لقراءة الشعر، ويشكو من سوء علاقته بالأنسولين
عشنا معًا وتقاسمنا نفس الغرفة والهم والدموع كان يضحكني حد البكاء لبراءته وعفويته التي أضرت به كثيرًا.
رحمة الله تغشاك يا صديقي يا قلب القصيدة اليمنية.
١١- الشاعر /عمار الزريقي
صحوت مبكرا لإنجاز بعض الأعمال البسيطة والتي طال تأجيلها.. ولكن لسوء حظي فتحت الجوال أثناء تناول الإفطار فصعقت بالخبر الذي صدمني في أول منشور فيسبوكي وفي رسائل الأصدقاء... فأغلقت الجوال ولم أكمل فطوري وعدت للنوم وألغيت أجندة هذا اليوم الحزين.
إنه يوم أسود .. بل ربما هو الأشد سوادا في تاريخ البلاد المدلهم.
أوجاع الحياة في هذه البلاد أهون من أوجاع الموت.
الموت رحمة تتدلى من السماء للأرواح التي يختارها الله لتأوي إلى رحمته.
الموت رحمة في هذا البلد الميت.. لكنه يؤلم الأحياء من المحبين والأصدقاء.
كتبت قبل حوالي أسبوع منشورا بسيطا عن البكالي مدينا له به منذ زمن طويل في ضميري.
كنت أحاول التعبير عن مكنونات الحب والتقدير والإنصاف المعنوي للشاعر الكبير الذي فقدته الساحة الأدبية اليمنية والعربية اليوم.
وداعا ياسين الشعر ونخلة الحب ونجم الإبداع وأستاذ الجمال وأيقونة ريمة.
كان ياسين وحده، كما تشي قصائده، ذلك الدينامو البديع الذي يضخ القصيدة ليطفئ بها حرائق المعمورة ويوقف نزيف العالم بكل روح عصامية ونكران للذات.. بل وبكل كبرياء الإنسان اليمني
كان يكتب لا ليقول، بل ليكون. وكان صوته، وإن تكسّر، يوقظ المعنى من سباته ويستنفر الأشجار والأحجار والرمل والتراب والسهول والجبال.
كان البكالي يختبئ أحيانا في المجاز، لا ليحمي قلبه، بل ليرسم ويتهجّى صورة الوطن من وراء سديم الحروف.
كان نجمًا ولم يزل.. لكنه اختار أن يضيء للناس من بعيد، لأنّ الأرض المحتلة والموجوعة لم تعد تعرف كيف تستقبل الضوء بلا خوف أو حذر أو مواربة.
لم يكن ياسين محمد البكالي شاعرًا عابرًا.. بل نبضًا خالدًا من نبضات اليمن والحب والسلام.. يتنقل بين حروف اللغة كمن يمشي في طريقٍ ضيق بين حقول الألغام.
كتب عن وحدته، كأنّه يودّعنا من قبل أن نودّعه.. وعن بلاده المكسورة كأنّه ينزف دم قلبه ليفتديها.
مات ياسين.. لكن القصيدة التي كتبها عن الألم والحب واليمن والجمال ستبقى خالدة للأبد.. بل هي عنوان الأبد ذاته.
لروحك السلام والخلود يا صديقي
وداعا
١٢- الاستاذه عفاف ثابت
ياسين محمد البكالي يا جماعة ياسين يقولون إنه مات..
هل الشعر يموت؟
هل الخير يموت؟
هل المحبة والسلام والوداعة تموت؟
أنا في حالة صدمة شديدة..
يا رب ما زلت لا أصدق
١٣- سلمى الاصبحي
لم أكن أظن أن للغياب هذا القدر من الوطأة، ولا أن الفقد قادر على أن يخلخل أعماقنا بهذا الشكل.
كنت أظنني قد تعوّدت الرحيل حين ودّعت جدّي، حتى جاء رحيل ياسين محمد البكالي فاهتزّ داخلي شيء لم أعرف له اسمًا.
كنتَ أكثر من مجرد أستاذ فلسفة.
كنت النور الذي تسلّل إلى عتمة الفكرة، وكنت من علّمني أن الفلسفة ليست مادة تُدرَّس، بل حياة تُعاش.
رأيتك تكتب الشعر بعينيك قبل قلمك، إلى أن ذهب نظرك وبقي بصرك نافذًا إلى المعنى.
خلّدت اسمي في قصيدة، وجعلتني أشعر أنني أنتمي إلى عالم الكلمة، أنني حية في سطرٍ كتبه قلب نقيّ.
كان آخر ما كتبته في تلك القصيدة:
“يا زارعي الموت في طرقاتنا، موتوا لنحيا، إن ذلك العيد.”
وكأنك كنت تعرف أنك تزرع فينا الحياة حتى في موتك، وتترك لنا من بعدك عطر المعنى حين ينطفئ الجسد.
رحيلك ليس مجرد فقد، بل خسارة فكرة، غياب طريق، وفراغ لم يكن في الحسبان.
لكنك لن تُنسى. ستظل فينا ما دمنا نقرأ، ونفكر، ونكتب.
نم بسلام، يا من علّمتنا أن السلام يبدأ من العقل، وأن الشعر رسالة، وأن الفلسفة وطن.
14- هناء الشاوش
ياسين
يا وجع القصيدة إذا أنَّ القلم
ويا جرح البلاد إذا نزف الحرفُ ألماً
يا مَن خضبتَ الأرضَ بالمعنى
وغسلتَ وجهَ الوطنِ بالشعرِ حين اتسخ بالصمتِ والخذلان.
كنتَ تنزف كأنّك نبيُّ الحرف
تحملُ اليمنَ فوق كتفيك المعروقتين
وتخبّئ الوجع في جيب القصيدة
تمشي به على أرصفةِ الغياب
ولا تشتكي…
ياسين
أيها العابرُ فينا كالوحي
كيف نرثي مَن كان يرثينا ونحن أحياء؟
كيف نكتب عنك
وأنت من علّمتنا كيف نكتب بالحزن دون أن ننكسر؟
يا ياسين…
أيها الضوءُ الذي لا يُطفأ
نمْ…
فالأرض حزينة
والقصيدة اليوم تكتبك باكية …
#هناء_الشاوش
١٥- جميل عز الدين
١٦- عامر السعيدي
ما أعجلك يا ياسين البكالي
وما أمر هذا الرحيل المباغت أيها الشاعر الفذ..
لقد كنت على ما أنهك الجسد النحيل، واقفا بثبات وبهاء وآمال وشغف.
والله إنه لصباح قاسٍ وحزين، وأحزن منه موتك شريدا طريدا بلا عافية ولا وطن.
لا نعلم متى ستقتلنا غصة هذه البلاد ونلحق بك يا صاحبي، لكنها إرادة الله الماضية فينا وفي من أخرجنا من أحضان أهلنا وهواء بلادنا فتقاسمتنا المنافي ونهشتنا الفجائع والأوجاع واستفرد بنا حظنا من البؤس والشقاء.
رحمك الله يا طيب القلب وعظيم القصائد.
١٧- د.لمياء الكندي
جزئية مختارة من كتاب سردية النضال خاصة بالشاعر ياسين محمد البكالي
وكما احتفى شاعرنا بمقام سبتمبر الثورة نجده في قصيدة "نص المسند" يحتفي باليمني العتيد ابناً لهذه الأرض وصانعاً للمجد مستدعياً عنفوان حضوره التاريخي وإرادته في كتابة فصول النصر وبشاراته التي ستورق من تضحيات هذا اليمني العتيد، هذا القيل الذي سيشكل حضوره في الوجدان الشعبي الكامن في ذاتنا اليمنية إشراقة يضيء منها وجه اليمن السعيد:
أنا القَيلُ اليَمانيُّ السعيدُ
أنا الوطنُ القديمُ أنا الجديدُ
أنا كلُّ البشاراتِ التي مِن
دماها يُورقُ النصرُ الأكيدُ
على طُرُقِ الحديثِ أنا المعاني
بها الأحرارُ لاحوا لا العبيدُ
يدُ الطغيانِ ما ارتعشتْ لغيري
وفي إذلالِها إنّي الوحيدُ
غداً سيَفرُّ مِن صنعاءَ يومٌ
ظلاميٌّ ويَرتفعُ النشيدُ
غداً يا موتُ خلفَ الشمسِ تَذوي
غدٍ يَهوِي قريبُكَ والبعيدُ
غداً تتَنفّسُ الكلماتُ لحناً
يمانياً يُحقّقُ ما نُريدُ
غداً يا جُرحُ نخرجُ مِن أسانا
وفي أعماقِنا بَصَـرٌ حديدُ
بلا وعدٍ ستَنهمرُ الأغاني
علينا رُغمَ أنفِكَ يا وعيدُ
على التأريخِ أن يدعَ التمنّي
إذا بوعولِهِ نبضَ الوريدُ
هُمُ الأقيالُ لو بسطوا جناحاً
بمُسندِهم لتَاهَ بهِ الصعيدُ
سماواتُ المجازِ لهم عِنانٌ
بهِ يَستمسكُ الشعبُ المجيدُ
أيا مطرَ النُعاسِ هُنا صلاةٌ
تُقامُ وهاهنا فجرٌ عنيدُ
هُنا خطواتُ أُمٍّ عن بنيها
تُسائِلُ والإجابةُ لا تَفيدُ
إذا لم يَكتبِ الأقيالُ نصاً
يُطمئنُها فلا كانَ القصيدُ
سنبتَكرُ الحقيقةَ مِن نضالٍ
وجوديٍّ يَعودُ بهِ الفقيدُ
سيرجِعُ خائباً مِن دونِ ثوبٍ
إلى ثكَناتِهِ الغازِي البَليدُ
هُمُ الأقيالُ إن غابتْ رُؤاهُم
عن الدنيا فلا بلدٌ سعيدُ
١٨- يحيى الضبيبي
رحل الصديق الحبيب، الشاعر الكبير، ياسين البكالي، وما رحلت معه إلا قافية حزينة وموجعة، كان يسقي بها أرواحنا من نبع الشعر الصادق.
آهٍ، ما الذي فعلته بقلوبنا اليوم، يا ياسين الشعر والشعراء...
وأنت الذي طالما نفذتَ إلى قلوبنا بسحرك الحلال، وأسرتنا في أجوائك الحافلة بالرموز والعمق، حتى ثملت أرواحنا بحروفك التي كنت تصفها، حين سُئلت عن الشعر، بقولك:
"الشعر صيرورة الكلمة المندسة بين دقات القلب، والابتسامة التي تتطاير على دروب الهوى والجوى، والندى الذي يستلقي على كومة أمل لم ينل السكينة بعد".
سنفتقد حروفك...
سنفتقد صوتك عند تلاوة القصائد، وسيظل يتردد في مسامعنا كلما اشتد بنا الحنين، وانكسر فينا الحرف.
طِبت حيًّا وميتًا...
١٩- د.ثابت محمد الاحمدي
ُ ياسين والقصيدة.. ياسين والألم
د. ثابت الأحمدي
منذ "همسات البزوغ" الأولى من مراحل الطفولة عاشَ في "أحزان موسمية" كأي مبدع يمني على وجه الخصوص، وحين "استدار رغيف من الأمنيات" أمام ناظريه كأطياف حُلمٍ عابرٍ في "مناسك غربة لم تكتمل بعد" من مراحل شبابه الأولى حاول أن يلملمَ أحلامه المرتعشة "مخافة أن" تتلاشى كما تلاشت أحلامُ الكثير من قبل، وخاصة من الشعراء المبدعين ممن يعيشون حياتهم أوجاعًا ممتدة وشهقة طويلة بلا زفير، متمسكين ببقايا "رمق آيلٍ للحياة" إن وُجد من يروي ظمأ هذا الرمق أساسًا، في مسيرةٍ موحشةٍ على "أشرعة تصلي في حضرة البحر" بين صخب الأمواج الهادرة، ناذرًا "عمرة وسرب قصائد" عَلّها تطفئ "وردة النار" المضطرمةٍ أسى، جراء واقع أكثر مأساوية. هكذا وجد ذاته كغريب في فلاة. "ثم قال الغريب" مناجيا ذاته: هيا بنا يا روح نحو "النزوح إلى حروف لا تعرف الجهات"، فأنا أحس بـ "أحد ما يشتكي الآن منك"، لا أريد أن أكون ثقيلا على أحد بين حياة لا تعرف معنى الحياة، وهو ما كان. و "قبل أن يُطفئ الماء قنديله" غادرنا في ضجة من الوجع، و "ليس في باله أن يعود".! هذه باختصار رحلة صديقي العزيز ياسين.. ياسين القصيدة البيضاء والألم القاتم.
٢٠- الدكتور بشير سنان
البكالي .. درويش قتله القهر !!
مات ياسين يا أصدقائي…
مات الدرويش الذي لم تكسُه المناصب، ولا راوده الطمع، ولا باع قصيدته على أبواب الساسة.
رحل الشاعر الذي خبأ الجمر في قلبه، وباع الصبر ليشتري كرامته في منفى القناعة…
رجلٌ نام على أرصفة الوجع، لا يشكو، بيد أنه باح لأذني التعيسة بكل شيء.
حكى لي عن جراحه، عن الظلم الذي استوطنه من كل الجهات…
عن سلطة في المنفى تناسته، وسلطةٍ في الداخل خنقته، وعن وطن استكثر عليه حتى الاعتراف بوظيفته.
قال لي في الصورة حين اهداني احد إصداراته الأخيرة: “ما عدت أُحسنُ الكراهية، تعبتُ من كل شيء…”
لكني ما كنت أعرف أن التعب كان ليكتب وصيته هكذا!!
يا ياسين…
أعرف أن القصائد التي لم تكتب، ماتت معك
وأعرف أن الغصّة التي اختنقت بها، لن تجد من يشرحها الآن.
كنتَ وحدك في الطريق، ولكني اليوم أشعر بأنني تأخرت كثيرًا في الوصول إليك.
فهل يكفي الحزن الآن؟
وهل تكفي الكلمات لتعيد الحياة لوجهك الذي اعتاد الابتسام رغم الجوع؟
كُنت أحد مُحبيك البعيدين، فمنحني القدر وصديقي زين العابدين الضبيبي فرصة اللقاء بك عن قرب، وتحت فناء منزلي في القاهرة، شاركتني أحزانك…
خنقتني العبرة لشكواك ، لجُرحك الذي لم يندمل… لكن الرحيل الآن .. قاسٍ على قلوب كل محبيك !!
سلامٌ على قلبك يا صديقي ياسين محمد البكالي،
سلامٌ على تلك الروح التي لم تنكسر، وإن كانت منفية.
وسلامٌ على قصيدتك الأخيرة… التي لم تكتب حروفها.
الفاتحة ….
٢١- حاشد الشبلي
ياسين البكالي .. الحبر الذي لا يجف بالرحيل .
لم يكن رحيله عابرًا ولا صامتًا؛ بل مضى كما يليق بالشعراء الكبار، أولئك الذين يشبه موتهم القصيدة التي لا تُكتب إلا مرة واحدة، ياسين البكالي لم يكن شاعرًا وحسب، بل كان "أمة شعر" تمشي بين الناس، قصيدة تتحرك بينهم في مظهره كان يشبه العاديين، لكن في داخله حمل مجازًا متدفقًا بالحياة والتمرد والصدق.
من ضباب ريمة وسفوحها الوعرة وجبالها الشاهقة، حيث قسوة الأرض ونعومة الحرف، وبديع الهندسة المعمارية واسمى معاني التكافل والبناء يعود جذر شاعرنا البكالي الذي ارتقت روحه التي أنهكها المرض وابتلعها ألم الوطن؛ رغم ذلك ظل يخط بحروفه من عمق الفقر، وينسج الألم على الورق، ويترجم معاناة جيل لم يرَ من الوطن سوى الخذلان والقسوة .
قال ذات يوم .
« أنا رجلٌ مثخنٌ بالوجع، يحاول أن يصبح شاعرًا... ويفشل»
وربما لم يدرك – أو أدرك وتواضع – أنه نجح أكثر مما ينبغي، نجح لأنه لم يكتب من برجٍ مشيد، بل من قلب شارعٍ يزدحم بالمعاناة، أو من خاربة منزل قديم تتساقد عليه أتربة السطوح كلما مر عليها أحد، نجح لأنه جعل الشعر قريبًا من الناس، خاطب الجوعى بالحروف والعشّاق بالهمس، والمقهورين بالدمع، والتائهين بالتصوف والتقري إلى الله .
لن ننسَ يا ياسين، حين كتبت عن حب الوطن حين خانك الوطن، وعن الحبّ حين صار العيش جفافًا، وعن الله حين ضاقت بك السبل وأشتد بك الألم.
في "أحزان موسمية" لم يكن يسرد حزنًا عابرًا، بل نقش ذاكرة الحزن اليمني في السطور، وفي "رمق آيل للحياة"، كان يرثي نفسه قبل الأوان، وكأنه يدرك أن الحياة تضيق عن قلبٍ بحجم الكون.
اليوم يغادرنا الشاعر الكبير ياسين البكالي، لكن إذا أصغيت جيدًا لوجع قصائده ستسمع صوته ينبض بالحياة، وإذا عبرت ريمة في موسم المطر، سترى ظله يتسلل من بين الغيمات، يهمس: "وداعًا... لكنّي باقٍ، ما دام في الحبر نبضٌ، وفي القارئ شغفٌ، وفي اليمن جرحٌ يستحق أن يُقال."
إلى جنان الخلد بإذن الله يا صديقي الأنيق .
ملحوظة: ما بين الأقواس أسماء أعماله الأدبية
٢٢- غالب أحمد مهدي
خطب جلل ومصاب أليم ورحيل أحد روادالفكر والأدب اليمنيوالعربي أنعي رحيل صديقي الأستاذ الشاعر والروائي والاديب ياسين محمد احمد سعد البكالي ،أبهرالكثير بعطائه المتدفق وقلمه السيال دررا من فكره المعطاء والذي ماكان ليتوقف عن العطاء حتى وهوفي خظم معاناته مع الفقر والمرض ومعانات الراتب وتأثيره وتوقيفه ،والوظيفه ومتعتها ومعاناتها إن ياسين محمد البكالي بالنسبة لي مذ تعرفت عليه بات ظل لا أستغني عن مجالسته والإستماع عليه، ورغم أنني متوقع أن رحيله سيفاجئنا في أمد غير بعيد إلا أن ءامالي كانت كبيره لاتفارقني أننا سنلتقي في وطننا وننعم بكثير من طموحاتنا ،رحم الله ياسين وأسكنه الله جنات تجري من تحتها الأنهار اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنه اللهم ثبته بالقول الثابت وبالغ التعازي والمواساه إلى أولاده النبلاء وديع وعمرو وإبنتاه وزوجته وأحفاده وعمه الفاضل الكريم تامر محمد أحمد البكالي وأولاده وأحفاده وإلى جميع إخوانه وأهله وذويه وأصدقائه ومحبيه وجيرانه وإلى زملائه في إتحاد الادباء والكتاب اليمنيين وإتحاد الأدباء والكتاب والمثقفين العرب سائلا الله العلي القدير ان يعصم قلوبنا جميعا بالصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون..
٢٣- مؤسسة بيت الشعر اليمني
بيان نعي
بيت الشعر اليمني في وفاة
الشاعر ياسين علي البكالي!
ينعي بيت الشعر اليمني إلى المشهد الشعري والثقافي اليمني والعربي وفاة الشاعر ياسين علي البكالي فجر يومنا هذا الخميس : ١٥ مايو ٢٠٢٥ في صنعاء.
ولقد جاء في بيان نعي ولد المرحوم الآتي:
"الأخوة الأعزاءاصدقاء واحباب والدي الشاعر ياسين محمد البكالي
ببالغ الحزن وعظيم المواساه ارفع إليكم خبر وفاة والدي الذي وافته المنية فجر يومنا هذا الخميس، واختاره الرفيق الأعلى إلى جواره
ننعى فقيد الوطن والساحة الأدبية في ريمة واليمن والوطن العربي بهذا المصاب الجلل الذي صعقنا به الحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه إنا لله وإنا إليه راجعون نسأل الله أن يدخله برحمته في عباده الصالحين بحق نعيم رضوانه وهو أرحم الراحمين
كما اطلب منكم المسامحة من فقيدنا فقيدالوطن وسيتم الصلاة على والدي الفقيد بعدصلاة الظهر يومنا هذا الخميس في جامع النصر
ش النصر وسيوارى جمانه في مقبرة النصر".
من أشعاره:
.....
وبدليلِ أنّي لم أمُتْ
سيَمرُّ عامْ
ودليلِ أنَّي لم أعشْ
قد مَرَّ عامْ
وعلى خُطى عصفورةٍ في الظلِّ
لا عُشٌّ لها
إلا الهروبُ وقد تطايرَ ريشُها
حاولتُ مُبتسِماً
بأن أُلقي على الدنيا السلامْ
رحم الله الشاعر ياسين البكالي ، وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وأسكنه فسيح جناته.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
مؤسسة بيت الشعر اليمني
الخميس ، بتاريخه : ١٥مايو ٢٠٢٥ ، صنعاء
٢٤- د.رصين الرصين
فعلا الشهرة لها دور:
لا أدري لماذا لم أتعرف - من قبل سنوات -
لشعر شاعر مبدع مثل المرحوم:
ياسين البكالي
؟
كنت ذكرت لكم - من قبل - شعراء ريمة الثلاثة.. وعلى رأسهم
أولا.. الأمير: محمد إسماعيل الأبارة..
والآن أضيف للقائمة رابعا، وأضعه - في الترتيب - ثانيا:
(ثانيا) ياسين
ثم - بعد ياسين رحمه الله - يأتي
زين وبديع
٢٥- وليد عبدالجليل السلفي
أخرستَ ألسنة القلوب تألماً
حتى غدا الشعراء دون رثاءِ
ما سر هذا الحزن بعدك يا فتى
أهو اصطفاء الله للبسطاءِ
يا أيها الياسينُ فقدك فادحٌ
أبكى طيور الشعر في الأرجاءِ
رحمة الله عليك أيها الشاعر الإنسان
وأدخلك الجنة وغفر لك
✍️وليد عبد الجليل محمد
٢٦- المحامي العلامة عبد الباري القليصي
ما عسى ان اقول في رحيل استاذنا الاديب الالمعي الشاعر الثائر اسطورة ريمة وعنوان شرفها الوافي الاستاذ ياسين البكالي عليه سحائب الرحمة والمغفرة من الله عز وجل.
وكيف اقف مؤبنا لشاعرنا الفقيد وامامي قامتين ادبيتين هما الاديب وارث الادب عن ابائه الاستاذ محمد اسماعيل الاباره واستاذي العزيز بديع الزمان السلطان..
لكن تأسيا بقوله صلى الله عليه واله وسلم اصنعوا لآل جعفر طعاما.
فقد نظمت هذه المحاولة التي اعرف يقينا انها لن ترقى الى مستوى تذوق القارئ ولكن لينفق ذو سعة من سعته..
والا. فالصمت في حرم الجمال جمال..
أصحيحٌ مات الهُمامُ البكالي
وكسى الحزنُ شامخاتِ الجبالِ
وتوالتْ احزانُنا ومئآسِيْنا
لفقدِ الأديبِ نجل البكالي
ااااه ياسينُ مادهي الموتَ حتى
يصطفي في الرجالِ خيرَ الرجالِ
كم فقدنا بفقدِ ياسين ارواحاً
تسامتْ في قولها والفعالِ
ايها الثائرُ المناضلُ شعرا
بحروفٍ مدادها من زلالِ
يا معيناً ينسابُ من ابحرِالشعرِ
نظاماً مطَرَّزاً من لئآلِ
يا غديرا يروي ربوعَ بلادي
بقوافٍ ما آنْ لها من مثالِ
كيف غادرتنا الى العالمِ الآخَرِ
من ذا يجيبني عن سؤالي
ايها الموتُ كيف قَيَّضْتَ صرحا
وهدمتَ الحصونَ دونَ قتالِ
كم ظنناَّك لن تحُلَّ بياسينَ
منارِ الهدى وربِّ الكمال
شاعرٌ روحُهُ تفيضُ عطاءً
واديبٌ متوَّجٌ بالجلال
هادئُ النفسِ والطباعِ وقورٌ
رابطُ الجأشِ في شموخِ الجبال
كان واللهِ هادياً للحيارى
صادقَ القولِ مضربَ الامثالِ
شاعرٌ يستقي القريضَ شعورا
صادقا من معينِهِ السلسالِ
لم يزل ينسجُ الحروفَ ويُذكي
في نفوسِ الشبابِ وهْجَ النضال
باعثاً من نوائب الدهر جيلاً
حافلا بالعطاءِ والآمال
وبنى من ركامِ شعبي حُصونا
حيثُ شعبي مُمَزَّقُ الاوصال
وجلا للعيونِ فجرا جديدا
باسما غيرَ عابئٍ بالمُحال
كم شكى غُربَةً وقاسى عذاباً
ونأى الظهر منه بالاثقالِ
مَنْ كياسينَ صار سِفرا فريدا
ثائرا صابرا على الاهوال
كم تغنَّى بشعرِه كلُّ حُرٍّ
وتلا من بيانه كّلُّ تالِ
فعليه السلام حيَّاً ومَيْتاً
ولربي الثناءُ في كل حالِ
عبدالباري القليصي
ونحن نقول له عظم الله اجر الجميع في هذا المصاب الجلل
ولله درك فهذه اكبر هدية واعظم مواساة لقد اعددت وجبة ادبية تستحق النشر والخلود فقد صنعت لال جعفر اكثر ما كنا نتوقع.
فانت فوق الوصف
والكلمات تتضاؤل امامك دائما شكرا لك
شكرا لهذا الوفاء النادر
٢٧-حميد الرقيمي
صديقي ياسين
عندما التقينا أول مرة، اخترنا أن نتناول وجبة الغداء في مطعم شعبي مغمور. كان ذلك المطعم، الذي شهد لقائنا الأول، يشبهنا إلى حد كبير، وكنّا الوحيدين الذين شغلوا طاولة معزولة في الركن الضيق من مساحة المكان. نأكل العصيد ونتلو أحزاننا وأفراحنا وذكريات نصوصنا، كما لو كنّا خارجين من معركة دامية لم ينجُ منها أحد سوانا.
أتأمل فيك الشاعر، حتى أخال القصيدة خارجة من عينك اليمنى، وقد كساها البياض من شدة البكاء، ثم لا تلبث أن تقيم العزاء على وطن لم يستطع أن يحتمل خفتك وجمالك. أحاول أن أبقيك في المكان الذي نحن عليه، وتصرّ على أن نبقي المعنى حاضراً، وعلى جدائله هوية البلاد التي لم تمنحك خصلة واحدة تنقذك من الغرق.
وكنت أسأل نفسي، وأنت تصدر ضحكتك كما يفعل الأطفال بعد بكاء طويل: كيف لهذا الرجل أن يبقي على براءته وصدق قوله في هكذا واقع؟
لم أطرح عليك هذا السؤال، ولم تتركني أفسّر كل معنى على حدة دون أن تضعني في مواجهة معانٍ أخرى أكثر ألقاً وصدقاً.
كانت الدهشة تملأ نفسي، وكنتَ، في ذلك المكان المتواضع الذي اخترته أنت، قريباً من ذاتي أكثر من أي وقت آخر.
شربنا بهدوء الشاي، وخرجنا إلى الفوضى. خرجنا إلى العدم الذي كان يخيفك صخبه، ويجعلك تمسك على يدي بشدة خوفاً من عجلة طائشة تأتي من حيث لا تعلم.
أخبرتني بأنك تخاف الزحام، لا تحب أن تسير في هذه الشوارع دون أن تتكئ على أحد، وعندما أعدتك إلى قصائدك التي تحرّض فيها الآخرين على الوقوف دون عون أحد، أخبرتني بأن كل صديق مخلص لك هو ذاتك ومعناك.
رحنا نتأمل الناس في عراكهم مع الحياة، وكنتُ، وأنا أقودك، أشعر بأن حشداً من القوافي والقصائد والكلمات تسير على خطاي. كنتُ أشعر بأنني أقود شعباً كاملاً، ويدك على يدي، أشعر بعرقها المنساح وخوفها المبالغ فيه.
لم أكن على دراية بأن موتاً ساكناً يجثم على جسدك، حتى وقعت فجأة في منتصف الطريق.
خفت، يا صديقي، خفت كثيراً وأنا أشاهد في عينيك الموت حاضراً بقوة.
كان هذا الهبوط الفجائي فاتحةً أخرى لعلاقتنا التي ستمتد كثيراً، وكنتَ تحاول وقتها أن تُبقيني على طبيعتي، طالباً مني شوكولاتة تساعدك على التوازن.
وبعزيمتك وحدها أفقْتَ من وجعك، وعادت إليك ضحكة الأطفال التي لم تخفها هذه النكسة الخبيثة.
وحتى أكون صادقاً، فقد شعرت أكثر منك بمرارة الموت. شعرت بالمعنى الآخر، الذي ظلّت قصائدك توزّعه على القوافي كلما أمسكت قلمك.
حينها أخبرتني بأن السكري يستوطن حياتك منذ أكثر من عشرين عاماً. شرحت لي ذلك اليوم الذي وجد فيه الطريق إليك، وأنت عائد إلى قريتك، في حادثٍ أخذ صديقك إلى الموت، وبقيت وحدك شاهداً عليه ومسكوناً به.
ومنذ تلك اللحظة، يا صديقي، كان لقائي بك وداعاً، ووداعك موتاً مؤجلاً، أحمل عبراته في صمت حتى ألقاك من جديد.
لم تُخفِ عني خذلان البلاد وأهلها، ولم تصدر منك شتيمة تلعن فيها الرفاق وتبصق في حياتهم.
كانت عوالمك مليئة بالحضور، الذي يجعلك تستشعر قيمة الكلمة الخالدة. وكنت على ثقة بأنك لن تغيب، لن يقطعك الموت الذي عشتَ تراوغه في كل خطاك.
وكنتَ تؤكد، على الدوام، بأن كل قصيدة تنجزها تعميدٌ لحضورك، وتأكيد على بقائك، رغم الموت نفسه.
“سيعرفني الناس بعد موتي، يا حميد، وسيجدون عبورهم الدامي مكتوباً على الورق؛ لهذا أكتب كثيراً.
يعيبني البعض على ذلك، لكنهم لا يراقبون الموت مثلي.”
هذا ما كنت تقوله مع كل قصيدة، وهذا نهجك الذي عشت عليه: تصارع الجوع والمرض والواقع المبتذل.
غير أنني كنت على دراية بأنك عابر إلى الضفة الأخرى، عائد إلى غيومك، وقد نسجت معناك في مدارات الضوء، وربطت مرساك في أبجديات لا تفنى.
كنتُ أعرف بأن المآتم التي ستقام فجأة بعد غيابك، لن تعيدك من جديد، وبأن التعازي المشحونة بالعاطفة الجياشة لن تفي حقك، ولن تمسح على قلبك المتعب، الذي ملأته الحياة قهراً وخذلاناً.
كنتُ أعرف، يا صديقي، بأن هذا كلَّه لن يشيّدك بالبقاء، وستكون وحدها قصائدك ومواقفك شاهدة وحاضرة وخالدة في أنصع مكان، يتلو عليه الإنسان رثاءه ونضاله ودستور حياته.
لهذا، مثلك لا يحدّه الموت من الحضور، ومثلك لا تنال من اسمه ومعناه وخصاله ألف ميتة.
٢٨-الدكتور محمد جميح
مات ياسين…
الشاعر الذي رثى نفسه…
الشاعر الذي قال: سأموت بعد قليل
مات أمس…
مات قبل قليل…
رحمه الله.
سأموتُ بعدَ قليلِ
فانتظروا
لكيْ أبكِي عليّا
وقِفوا جِواري هادئِينَ
دعوا الحروفَ تُحيطُ بي
ولسوفَ آخذُها إلى ربّي
أقولُ لهُ : إلهي
العفوَ هذا ما لديّا
سأموتُ بعدَ قليلِ
فاحتشدوا عليَّ
فرُبّما سأكونُ أفضلَ
ربّما أُنهِي قراءةَ كلِّ أسماءِ الغيابِ
وأكتفي بصلاةِ هذا الشعرِ فِيَّا
أو رُبّما أنجو من القلقِ الذي أعتادُ رؤيتَهُ عليكم
رُبّما أُغري بهِ قبري
وأمضي عنهُ حينَ يقولُ هيّا
لا بأسَ يا قبري
ستَحفرُكَ الحكاياتُ القديمةُ
لم يعُدْ ياسينُ
مُحتاجاً لبيتٍ
صارَ يرمي باسمِهِ
للريحِ
يتهجَّى الأماكنَ في شتاتِ اللارجوعِ
يعيشُ كهلاً في زُقاقِ الغيبِ
يأكُلُ نفسَهُ
يرتاحُ منّي
حينَ أقفزُ
حولَ هيئتِهِ صبيّا
سأموتُ بعدَ قليلِ
لا داعي لأن تتَذكّروا ما كانَ من حُزني
ولا تخشوا على ما ضاعَ مِنّي
إنَّ مَن هرعوا لكي يَستقبلونيَ في البعيدِ
يُهمُّهُم أن يُصبحَ الصلصالُ أكثرَ قدرةً
في الكشفِ عن سِرِّ الحياةِ
تفقَّدُوني في ابنةٍ خلَّفتُها في النصِّ
ذاتَ سكينةٍ
لأكونَ أقوى حينَ يسألُني الإله
وحينَ أرجعُ من جلالتِهِ إليَّا
سأموتُ بعدَ قليلِ
يا امرأةً تُرتّبُ غُرفتي
انتبِهيْ
فخلفَ البابِ ثمّةُ مشجبٌ
علَّقتُ أخطائي عليهِ
ولستُ أدري هل سأحملُهُ معي ؟
ما زلتُ مُختنقاً بحبّةِ إسبرينٍ في فمي
غصَّتْ برِيقٍ لم أجدْهُ
ورُبّما غصَّتْ بحُلمِ فتىً على أعصابِهِ
تقِفُ الثُريا
الحقُّ أنَّ المشيَ فوقَ الماءِ رغبتيَ الوحيدةُ
لم أعشْ أبداً لأشربَ مِلءَ كأسي
رُبّما في الموتِ
أخرجُ عن سِياقي
ربّما سأصيرُ حيَّا
سأموتُ بعدَ قليل
وانكشفَ الغطاءُ
دمٌ يَخافُ كتابةَ النبأِ الأخيرِ
محاولاتٌ لاستعادةِ لحظةٍ للجريِ في عرصاتِ مشوارٍ طويلٍ
كانَ فيهِ الوقتُ عاديّاً
تناهى الآنَ صمتاً مُطبِقَ العينينِ
يفرضُ نفسَهُ
ويغوصُ في أنفاسِنا
شيئاً فشيّئا
سأموتُ بعدَ الآنِ
لا تتوَقّعُوا أنّ المسافةَ بينَ ميلادي ونعشي
خُطوةٌ ما بينَ هوّةْ
أو حديثٌ
سوفَ نرسِمُهُ على جُدرانِ مَن رحلوا
سَويّا
هيَ لحظةُ الإفصاحِ
أنكى من جوابٍ فاشلٍ
ما زلتُ أهجُرُهُ ملِيَّا
الآنَ
معذرةً رِفاقي
إنّ نظرتيَ الأخيرةَ
كلّما أخفيتُها عنكم
ترنَّحَ في يدي عُمرِي
وهرولَ في ضلوعي
ذلكَ الطفلُ المُشاغبُ
صارَ يلفِظُني على سطرِ النهايةِ
فاستعدِّوا للوقوفِ
على المشارفِ
لَوِّحُوا للفقدِ بالأيدي
فقد أضحى جليِّا
ياسين محمد البكالي
٢٩- نضال احمد الشبلي
في رثاء الشاعر الوطن / ياسين البكالي .
الشاعر / نضال احمد الشبلي
ما يعمل الشعر بالكتاب لو قرأن
وقد تواريت وانت القلب يا ياسين
وكيف لهجسي المكوبع فيك يتالسن
وعادهو ينطق اسمك (ديدي يادين )
فكم قد اتعبني اعجاب ب (محافة أن )١
حين يلتثغعا ونا اتعبه لها تلقين
وكلما قلت بايفصح تجلّى احسن
وفي (استدالت لعيف الحبز )٢ قلت آمين
يا سيدي وانت لي المنهاج والمأمن
كيف ارثيك والفؤاد من فرقتك (ها شين )
واين الاقي المعاني الكاعبان الفن
عشان اكوّن قصيده لايقه بك اين
اما بعد .
استاذي الكبير وقدوتي المثلى الذي أتأسى به كلما اشتد بي ظرف او آلمني هم او ارهقني تعب.
استاذنك في هذه اللحظة وأنت النائم غي غيب الله الحاضر المتاهب في بالي شحما ولحما فاذن لي ان ابوح بما في خلدي من حزن وغبن وزعل علي رحيلك كاد من فرط اتقاده في صدري ان يضج المدى معايرا كل الامل الذي زرعتَه في روحي والاماني التي رتبتَها في عقلي قائلا :هذا انذا اين انتم ؟؟
ففيك ساكتب وان كنت ممنوعا من الكتابة .
وانشر وان كنت ممنوعا من النشر .
فلربما انت اذن الله لي بالفرح وانكشاف الغطاء .
فأنت سر غيب الباحث فيه اشبه بالمتسلق في سلم موسيقي عذب اعلاه مثمر واسفله مغدق كأنك مخلوق من القيم الحميدة وما تشتهيه الانفس .
سيدي اين اجد الرحب الذي كنت تسوقني اليه كلما نظرتَ في وجهي جَلْد الاسى او قرأتَ في عيناي عبارات البؤس وضيق الحال .
فأنت وحدك الاشبه بي في معاناة الحياة ومرارة الضروف وبعد المشتهى ولهذا كنت تعرف كلما في خافقي من امر فكنت الكتاب الذي اتوق اليه لا الى قصائد المدح والاستجداء والمشفى الذي اتيقن به لا بمحمد الامام او مستشفى آزال وجامعة العلوم والتكنولوجيا .
واليد التي اعمل بها لا برافعات الوديعة او ميناء عدن والحديدة .
والرجل التي امشي بها لا بنقاط الجوف وقعطبة وطور الباحة .
والراس الذي افكر به لا برأس عيسى او رأس الرجاء الصالح .
سيدي رحل ابي وتركني في صحراء الحياة اعارك الفاقة واجابه الفقر في زمن تستطيع ان تجفف سمكة تحت الماء قبل تحصل على جواب يسد رمق السؤال المرهق سفرا في قلوب التعساء والمغلوبين .
ورحلت انت وتركتني في متاهات الحرف اقاسي برودة المجاز واغبرار الصورة وحرارة المعنى في زمن تستطيع ان تلفظ الف نفس باب المطبخ او امام متجر بيع القمح دون ان يفكر الماء ان يسعفك بالقطر كي تمون وانت راوٍ نوعا ما . فهل يا سيدي ساقوى على حمل كل هذا الجور بكفائة .؟؟
سيدي ها أنذا ابكي عليك وقد امرتني بالاتظار وقلت :
سأموتُ بعدَ قليلِ
فانتظروا
لكيْ أبكِي عليّا
وقِفوا جِواري هادئِينَ
دعوا الحروفَ تُحيطُ بي
ولسوفَ آخذُها إلى ربّي
أقولُ لهُ : إلهي
العفوَ هذا ما لديّا
سأموتُ بعدَ قليلِ
فاحتشدوا عليَّ
فرُبّما سأكونُ أفضلَ
ربّما أُنهِي قراءةَ كلِّ أسماءِ الغيابِ
وأكتفي بصلاةِ هذا الشعرِ فِيَّا
فلما لا تنتظرنا نحن كي نبكي عليك
هاقد وقفت جوار روحك سيدي والعفو منك تفجّرت كل الشجون وضاق بي كل المدى فنسيت قولك بالهدوء وطال صوتي بالبكاء فعمّت الضوضاء وانتشر الاسى في كل من لوداعك احتشدوا كما وصّيت .
ادري بانك لم تقل كل الذي في نفسك المثلى
ولم تكتب من الاوجاع الا بعضها
وبأن فوضاء الدعاة وحجم جهل الشعب قد فرضو عليك الاكتفاء باقل قدر من حروف الرأي او قول الحقيقة .
سيدي لاكنني انبيك ان صدى ايماءاتك الشتى والقاءاتك الشتى قد اوصلوا المراد وترجموا كل المعاني للجميع فنم قرير العين وانعم بالهدوء كما ارت عليك من ربي الصلاة والسلام .
الهوامش :
١،٢ مخافة أن واستدار رغيف الخبر ديوانين شعر للراحل ياسين البكالي .
٣٠-في رحيل ياسين البكالي: قصائد الهدوء والاحتراقضفة ثالثةصدام الزيدي
2 يونيو 2025
في يوم 15 أيار/ مايو المنصرم، رحل الشاعر اليمني ياسين البكالي (1977 ــ 2025)، بعد معاناة شديدة مع مرض عضال ألمّ به، تاركًا حزنًا مدويًا في الوسط الثقافي اليمني، وهو الشاعر الغزير إنتاجًا، والأكثر إصرارًا على التشبث بالكلمة في زمن الحرب والشتات.
والبكالي شاعر وقاص من مواليد محافظة ريمة (الدرجة ـ بكال مديرية مزهر)، حيث تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة عقبة بن نافع، وأكمل دراسته الثانوية في مدرسة عمر المختار في العاصمة صنعاء، التي حصل فيها على البكالوريوس في التربية بتخصص فلسفة وعلم اجتماع (1999)، ليعمل بعدها في التوجيه التربوي بقطاع التربية والتعليم في صنعاء. وهو عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وحاصل على جوائز شعرية عدة، منها: جائزة رئيس الجمهورية للشعر عن محافظة ريمة، و"جائزة السنوسي الشعرية"، و"جائزة شاعر الثورة اليمنية السلمية"؛ وجائزة برنامج "فرسان الشعر" من قناة رشد الفضائية، وجائزة مسابقة "أقلام حول المرأة".
صدرت للبكالي حزمة من الداوين الشعرية، نذكر منها: "همسات البزوغ"؛ "أحزان موسمية على الضفة الغربية"؛ "ألبوم إلكتروني شعري"؛ "أشرعةٌ تصلي في حضرة البحر"؛ "النزوح الأبيض إلى حروفٍ لا تعرف الجهات"؛ "رمق آيل للحياة"؛ "أحدٌ ما يشتكي الآن منك"؛ "قبل أن يُطفئ الماء قنديله"؛ "مخافة أن..." (2020)؛ "ليس في باله أن يعود".
نشر أولى قصائده بعنوان "مايو وشجون الحب"، في عام 2001، وهي قصيدة تتغنى بمنجز الوحدة اليمنية (1990)، التي رحل البكالي عن الحياة قبل أيام قليلة من ذكراها الخامسة والثلاثين، والتي ـ أيضًا ـ أمست عُرضة لمشاريع انفصالية تتهددها منذ سنوات في ظل انقسام سياسي، وصراع مسلح تخوضه أطراف يمنية تتمركز في صنعاء، وعدن، ومحافظات أخرى. وغير بعيد، كان للشاعر البكالي مشاركات في "ملتقى الشعر النبوي" في مدينة تريم (في حضرموت) عاصمة الثقافة الإسلامية 2010، وفي مهرجانات وملتقيات شعرية، وفعاليات توقيع شخصية في مؤسسات ثقافية ودور نشر محلية وعربية. وهو واحد من قلة من الشعراء الألفينيين اليمنيين ممن وجدوا فرصة واسعة للظهور والاستضافة ضمن فعاليات شعرية وحوارات تلفزيونية، لكونه من كتاب القصيدة المنبرية (الشعر العمودي)، التي ما يزال لها حضور في الشعر اليمني الراهن، حيث يتقاسم كتاب العمود والنثر تفاعلات المشهد الشعري بعد أن كان عقد التسعينيات من القرن المنصرم شهد طفرة غير مسبوقة في ظهور عدد كبير من كتاب قصيدة النثر اليمنية، والذين ما زالوا إلى الآن يواكبون مشهدًا شعريًا متنوعًا في أفق انهزاميّ عجزت فيه الكلمة عن أن تحمي وطنًا من الانهيار، لكنها لم تنكفئ على نفسها، وأخذت تحارب في غير اتجاه على مساحات افتراضية توفرها منصات التواصل الاجتماعي، محلّقة في متاهات الذات، ومشتبكة مع كمائن الحيرة والانكسار، في ظل شحة فرص النشر محليًا.
في عام 2015، حط البكالي رحاله في المملكة العربية السعودية، حيث عمل هناك مدفوعًا بظروف اليمن البائسة بعد أشهر من اندلاع الحرب التي تدور رحاها حتى الآن، غير أن ذلك وفّر للشاعر فرصة للنشر في مجلات ثقافية سعودية وخليجية، واستضافته في ملتقيات وندوات شعرية وحوارات تلفزيونية. وفي أثناء ذلك، كان يخوض معركته مع "السكري"، الذي دفعه لخوض غمار رحلة علاج استمرت طويلًا، وصولًا إلى مستشفيات القاهرة. وفي صنعاء، حيث تقيم عائلته، استسلم أخيرًا، في مشهد ودائعي موجع لقلوب أبنائه ورفاقه، من شعراء ومثقفي اليمن والسعودية ـ على السواء ـ، الذين كتبوا على هامش نبأ رحيله كلمات عاجزة عن القول، وقصائد تستذكر شخصية هادئة أخلصت للقصيدة كثيرًا، وتشعرن كل شيء تراه وتمر به، حتى المرض، حينما لم تستسلم أمامه؛ أخذت تقاومه عبر حزمة قصائد بلغة تمجد خلاصًا أخيرًا لمحارب عتيد.
"غيمٌ بلا ضجيج"...
يشير الناقد عبد الواسع الحميري إلى أن تجربة البكالي تشكلتَ بهدوء واحتراق، كالغيم حين يهمي بلا ضجيج. ولم تكتمل إلا حين غادرنا صاحبها، "لكن صوته ما زال يتردد في قصائد لم تُكتَب بعد".
ورحل البكالي بعد أن كتب وجعه وأذاعه كما ينبغي، وفقًا للشاعر يحيى الحمادي، "لكن لم يقرأ ذلك أحد": صرخ في قصائده، وتعامى الجميع عنه.
وكان ياسين البكالي، وفقًا للشاعر عمار الزريقي، دينامو بديعًا يضخ القصيدة ليوقف نزيف العالم بكل روح عصامية ونكران للذات... بل وبكل كبرياء الإنسان اليمني. يكتب لا ليقول، بل ليكون. صوته، وإن تكسّر، كان يوقظ المعنى ويستنفر الأشجار والأحجار والرمل والتراب والسهول والجبال.
٣١-
الكاتب
بقلم م.محمد غالب السعيدي
٩ نوفمبر٢٠٢٠م
رابط حساب الشاعر والقاص ياسين البكالي على فيسبوك
بعض المقابلات الصحفية التي اجريت معه تجدونها على الرابط
لقاء صحفي مع الشاعر ياسين البكالي ٢٨ يناير ٢٠١٨م وكالة انباء الشعر الرابط هنا
حقوق النسخ والنشر محفوظة للكاتب ولصفحة شخصية من ريمة. رابط المنشور على فيسبوك
تنويه هااااااااام:
ــــــــ❀•▣ 💠▣•❀ــــــــ
يتم نشر السير الذاتية لشخصيات من ابناء محافظة ريمة من جميع التيارات و الانتماءات الفكرية والسياسية والثقافية والدينية دون تمييز في العرق والجنس واللون والانتماء السياسي والمذهبي والفكري
ملاحظة :
نسمح بالمشاركه واعادة النشر على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى شريطة احترام حقوق الملكية ذكر المصدر.