#شخصية_من_ريمة الشخصية رقم (302)
الفقيه الزاهد / طاهر محمد الجباري رحمه الله
(1364هـ-1445هـ) 1945م -2024م
✿ سيرة علمٍ وزهد.. ونضال صامت في سبيل المعرفة ✿
:المولد والنشأة
وُلد الفقيه الزاهد الورع طاهر محمد بن محمد صالح أحمد محسن الجباري في قرية الأكمة، بني الضبيبي، إحدى قرى مديرية الجبين بمحافظة ريمة، وذلك بتاريخ 12 ربيع الثاني سنة 1364هـ، الموافق 25 مارس 1945م. كان ترتيبه الثالث بين إخوته، ونشأ في كنف أسرة طيبة تحب العلم وتوقر أهله، فشبّ على قيم الدين والخير والصلاح.
التعليم والتكوين العلمي:
بدأ تعليمه الأولي في "المقصورة" التابعة لمسجد القرية، وهي شكل من أشكال
الكتاتيب التقليدية التي كانت تُعد المدرسة الأساسية في القرى اليمنية خلال العهد المتوكلي،
قبل قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، وفيها تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم وأساسيات
الحساب والفقه.
درس على يد عدد من الفقهاء في قريته، وعلى رأسهم عمه الفقيه أحمد محمد الجباري، ولاحقًا
طوّر نفسه ذاتيًا بالمطالعة والمذاكرة، فكان شغوفًا بالقراءة، حريصًا على لقاء العلماء،
واسع الأفق، حتى ترسخ لديه رصيد علمي كبير، خاصة في علوم القرآن والتجويد.
في عام 1413هـ، التحق بدورة تأهيلية مكثفة في علوم التلاوة والتجويد، نظمتها الجمعية
الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، بإشراف
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتخرج منها بتفوق أهّله ليصبح مدرسًا معتمدًا
للقرآن وعلومه.
:الحالة الاجتماعية والحياة الأسرية
تزوج في شبابه من إحدى بنات عمه، وعاش معها حياة هادئة مستقرة في قريته، ورُزق منها بثلاثة أبناء: اثنان من الذكور، وبنت واحدة. كان نعم الزوج الحنون، والأب المربّي، حريصًا على غرس القيم الدينية والتربوية في أبنائه.:رحلة الغربة والعمل
اغترب في المملكة العربية السعودية مطلع السبعينيات، واستمر في الغربة حتى نهاية التسعينيات، مع بعض الفترات التي عاد فيها إلى اليمن (1987، 1990، 1991).في بدايات غربته، عمل في مكتبة بمدينة الطائف، ثم التحق بالعمل في شركة "كانو للملاحة البحرية" بقسم المنافست، حيث تولى تسجيل بيانات الشحن والبضائع على السفن، وبقي في هذا العمل عشر سنوات (1977 – 1986م). بعد استقالته، عاد إلى اليمن وعمل لفترة قصيرة نائبًا لمدير القضاءات والنواحي بديوان محافظة إب، لكنه لم يجد في هذه الوظيفة ما يشبع طموحه المهني أو يناسب منظومة قيمه، فعاد إلى السعودية من جديد.
:العطاء في التعليم والإمامة
في عام 1413هـ (1992 – 1993م)، عمل مدرسًا في الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة الشرقية، وأظهر نبوغًا ملحوظًا في تعليم التلاوة والتجويد، وكان محل تقدير من زملائه والمشرفين عليه.ثم عُيِّن إمامًا وخطيبًا لمسجد عيسى بمدينة الدمام، وظل فيه ست سنوات (1993 – 1998م)، مارس خلالها الإمامة والخطابة والتعليم، وتعرّف إلى علماء وأئمة بارزين، مما أضاف إلى رصيده العلمي والروحي الكثير. وعند صدور قرار سعودة وظائف الإمامة، تم الاستغناء عن خدماته، فعاد نهائيًا إلى اليمن.
:العودة إلى إب.. والوفاء لرسالته
استقر في مدينة إب، وواصل أداء رسالته في الإمامة والخطابة والتعليم في عدد من المساجد، أولها مسجد بجوار سكنه، وآخرها في منطقة القفر. بقي حتى آخر أيامه مخلصًا لرسالته، يؤدي واجبه في التعليم والوعظ والإرشاد، محتفظًا بزُهده وتواضعه وطيب معشره.:الإنتاج العلمي والأدبي
في أواخر عمره، أقبل على الكتابة والتأليف، مدفوعًا برغبة في تدوين حصيلة حياته من العلم والفكر والتأمل. فكانت له مؤلفات ومخطوطات متعددة، من أبرزها::المطبوع
- الدُرّ النضيد في علوم التلاوة والتجويد (طبع عن مركز عبادي للطباعة والنشر – صنعاء).:غير المطبوع
- الروض الأشم في الشعر والسيرة والحكم (جاهز للطباعة).
- خواطر من واقع التاريخ.
- القول السديد في خطب الجمع والعيد.
- زاد المتقين لخير الدنيا والدين.
- كشف الغمة في مدح سيد الأمة (شعر على نسق البارودي).
- تقرير تحليلي سياسي للحركة الشبابية في اليمن.
:شخصيته وملامحه
كان طاهر الجباري رجلًا ورِعًا، زاهدًا في الدنيا، صبورًا على البلاء، كريم النفس، عاشقًا للطبيعة، يُؤْثر الريف على المدينة، ويأنس بالبساطة والسكينة. كان سريع الألفة، جميل المعشر، حاضر النكتة، تحبه القلوب قبل الألسنة، ويجد فيه الناس الحكمة والعلم والنصيحة الطيبة.:الرحيل الأخير
في مشهد يُشبه حياته، جاءه الأجل على جانب طريق ريفي، وهو يستظل تحت شجرة، عائدًا من سفرٍ قصير، يوم الثلاثاء 14 شوال 1445هـ، الموافق 23 أبريل 2024م، عن عمر ناهز 79 عامًا، قضاها مجاهدًا في سبيل العلم والعمل، بين مساجد الله ومصاحف العلم وحقول الحياة.:خاتمة
رحل الفقيه طاهر محمد الجباري تاركًا إرثًا علميًا وروحيًا وأدبيًا يستحق أن يُجمع ويُنشر، ليكون شاهداً على سيرة رجلٍ نذر نفسه لله، وأخلص في علمه، وصدق في عمله.مرثية في رثاء الفقيه طاهر الجباري
ما زالَ وجهُكَ حاضراً ما غابا
يا من فراقُكَ يذبحُ الأحبابا
أتركتَ قلبي خلفَ روحِكَ راكضاً
يطوي سماءَ اللهِ باباً بابا؟!
ويقولُ لي معناك: ليسَ للابسٍ
ثوبَ الأسى أن يبلغَ الأسبابا!
يا صاحبي أقسى المواجعِ أن ترى
قلبي بحضرةِ قُدسِهِ مُرتابا
قسماً بربِّ الموتِ إنَّ قصيدةً
تكفي لتجعلَ ذا الردى كذابا
فالكاتبُ الإنسانُ أصدقُ خالدٍ
جعلَ الردى في بابِهِ بوابا
يا طاهرَ الروحِ النقيةِ قد غدا
شوقُ النفوسِ الظامئاتِ عتابا
أتركتني وحدي؟ لمن يا صاحبي
للحزنِ، قلبي بعدَ فَقْدِكَ ذابا
أنا مؤمنٌ أنَّ الحياةَ قصيرةٌ
ودموعَ قلبي ما بلغن نِصَابا
يا خادمَ القرآنِ أظهرت الفتى
وجعلت غُنَّةَ حزنِهِ إقلابا!
وصعدت للرحمنِ نوراً ساطعاً
وإذا تجلَّى النورُ صار حِجابا
نَمْ، فالمصاحفُ لن تنامَ دموعُها
من ذا سيعشقُ بعدَكَ المحرابا؟!
—
إعداد ومراجعه
إعداد: محمد أبو أشرف الجباريهااااااااام:
ــــــــ❀•▣ 💠▣•❀ــــــــ
يتم نشر السير الذاتية لشخصيات من ابناء محافظة ريمة من جميع التيارات و الانتماءات الفكرية والسياسية والثقافية والدينية دون تمييز في العرق والجنس واللون والانتماء السياسي والمذهبي والفكري
ملاحظة :
نسمح بالمشاركه واعادة النشر على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى شريطة احترام حقوق الملكية ذكر المصدر