#شخصية_من_ريمة الشخصية رقم (157)
المهندس/ محمد بن ياسين النجدي(رحمه الله)
(1950م -1370هـ ) (2019م -1440هـ )
مقدمة :
بعد إعادة نشر المقابلة التى تحدث فيها عن جزء من حياته في "جريدة الجزيرة" صفحة "مرآة المغتربين" الصادرة يوم الأحد 21 جمادى الآخرة هـ الموافق 2آذار (مارس) 1986م – العدد (4903) أصبح الجميع في تعطش لمعرفة بقية سيرة حياته، ووفاءً للمهندس/ محمد ياسين النجدي ولمحبيه فقد عملنا على كتابة هذه السيرة رغم صعوبة الأمر لعدم توفر كل المعلومات عن سيرته الذاتية لقلة اهتمام المهندس رحمه الله بالكتابة عنها، ولكننا من خلال كتاباتٍ له هنا وهناك ومن خلال أعماله المكتوبة والمدونة استطعنا أن نخرج للقارئ الكريم بهذه السيرة المختصرة عن حياته من واقع كتاباته ومن واقع أعماله كما لو أنه تحدث عن نفسه وقد حرصنا على أن تكتب بنفس الوضوح الذي كان ينتهجه، فنعتذر سلفاً عن أي قصور أو نقص في ما سنورده عن شخصية المهندس رحمه الله، آملين أن نكون قد لبينا رغبة القارئ الكريم في تزويده بأكبر قدر من المعلومات عن المرحوم في جميع تفاصيل حياته.
أولاً: بياناته الشخصية:
الولادة والنشأة:
ولد المهندس محمد بن ياسين بن حسن النجدي في العام 1370هـ الموافق 1950م في قرية بني منصور مديرية #كسمة محافظة #ريمة
الحاله الاجتماعية :
متزوج ولديه من الأولاد تسعه منهم ثلاثه ذكور
ثانيا التعليم :
- درس المرحلتين الابتدائية والمتوسطة (الاعدادية) بالمدرسة المتوسطة الأولى بشارع العطايف بالرياض حتى حصل على الشهادة المتوسطة.
- درس الثانوية في (ثانوية الجزيرة) في عنيزه وتخرج منها .
بعد تخرجه من الثانوية قام بزيارة أهله باليمن قبل الدخول للجامعة.
ومكث فيها عاما انخرط خلالها بسلك التدريس في مركز الناحية ( كُسْمَة) حقق نجاحاً كبيراً على مستوى المنطقة.
بعد قضاء عام كامل في اليمن رجع إلى الرياض سنة ١٣95/١٣96هـ والتحق بكلية الهندسة وكان عميدها آنذاك الدكتور/ صالح العذل (أواخر أيامه).
- تخرج من جامعة الملك سعود – الرياض كلية الهندسة قسم الهندسة المدنية الدفعة الثالثة والعشرين في الرابع من شهر رمضان سنة 1404هـ. الموافق 4 يونيو 1984م مشروع تخرجه في مجال الطرقات وحصل على تقدير (امتياز) كان عنوان مشروع التخرج / (pavement Design Construtiom IN Moumtaimous Regions (THE Shaar Descemt )
- حاصل على دورات في صيانة المنشآت من الغرفة التجارية بالرياض.
ثالثاً: أعماله في المملكة العربية السعودية:
● أعمال المساحة والتصميم والإشراف على تنفيذ ميناء الرياض الجاف من قبل المركز الاستشاري بالرياض .
● الإشراف المباشر على إنشاء "جسر وادي بيشة" بخميس مشيط من قبل بلدية خميس مشيط وقد تم تكريمه من رئيس البلدية على جهودة المتميزة .
● المشاركة الميدانية مع الشركة العالمية (إيطال كونسلت) في الإشراف على تنفيذ مشروعيْ :(منحدر طريق عقبة شعار بأبها) ، (ومنحدر طريق الباحة – المخواة)، مبعوثاً من قبل الدكتور/ ناصر محمد السلوم – وكيل وزارة المواصلات في ذلك الحين وبعد ذلك أعد مشروع تخرجه في مجال الطرقات وحصل على تقدير (امتياز) عام 1983م والذي كان بعنوان/ (pavement Design Construtiom IN Moumtaimous Regions (THE Shaar Descemt )
● عمل مهندساً مدنياً لدى "مؤسسة المبطي للتجارة والمقاولات" .
● عمل مديراً فنياً للمركز السعودي الدولي للهندسة (سياك) بالرياض التابع للمؤسسة.
● قام بالإشراف الهندسي على تنفيذ (العديد من المشاريع منها مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية ووحدة صحية في كل من مناطق القصيم، بيشه، وتبوك.
● قام بالإشراف الهندسي على تنفيذ مشروع "الجامع الكبير" بعنيزة والذي بلغت تكلفة إنشائه ثلاثة وثلاثين مليون ريال سعودي كمنحة ملكية من الملك خالد بن عبد العزيز .
● قام بالإشراف الهندسي على تنفيذ مشروع سفلتة ورصف وإنارة حي العزيزية بأبها مع شق وسفلتة بعض الشوارع الداخلية في زمن قياسي، ومعالجة ضعف التربة بعد عجز عدد من المهندسين عن ذلك بشهادة الشيخ/ عبدالله أبو ملحة رئيس الغرفة التجارية بأبها آنذاك ، مع تنفيذ مشروع سفلتة ورصف الساحات ومواقف السيارات التابعة لإمارة عسير بأبها.
● المشاركة في تنفيذ مشروع وصلات طرق وادي الجنش بالباحة بطول (91 كم) وبتكلفة إجمالية (339) مليون ريال سعودي.
● عمل وسيطاً مفوضاً باستلام وتوقيع المستخلصات والشيكات بين المؤسسة والمركز السعودي الدولي للهندسة وكل من وزارات المواصلات والمعارف والدفاع والشؤون البلدية والقروية عام .
● المشاركة في تنفيذ مشروع سكن الضباط في خميس مشيط.
● المشاركة في الإشراف على تنفيذ مشروع ترقيم شوارع مدينة سكاكا بمنطقة الجوف بالمملكة العربية السعودية.
● الممثل الرسمي لمؤسسة المبطي للمقاولات لتسليم مطار صنعاء الدولي للحكومه اليمنيه والإشراف على إنجاز المراحل الختامية عام 1986م .
● الاشتراك في تنفيذ أعمال المساحة لمشروع وزارة البترول والثروة المعدنية لعمل الخرائط المساحية وتثبيت أسماء الأودية عليها بالمنطقة الوسطى والشرقية من المملكة العربية السعودية، من قبل المركز الاستشاري بالرياض .
● شارك في أعمال المساحة والتصميم والإشراف على تنفيذ ميناء الرياض الجاف من قبل المركز الاستشاري بالرياض .
● عمل دراسات الجدوى الاقتصادية لتنفيذ المجمعات الحكومية في كل من الرياض وجدة وبعض المدن السعودية الاخرى، من قبل المركز الاستشاري بالرياض بالتعاون مع مؤسسة (فؤاد عباس قطان وشركاه).
● الإشراف على تنفيذ مجموعة من الفلل والقصور من قبل المركز الاستشاري.
● وقد عمل مهندساً مدنياً لدى "مؤسسة بن جار الله للتجارة والمقاولات"
أعماله لدى "مؤسسة بن جار الله للتجارة والمقاولات" تلخص فيما يلي :
1. إنشاءات الطرق وتشمل الإشراف على : (التفجيرات الجبلية والقطعيات وأعمال الردم والسفلتة وإنشاء الجسور والعبارات الصندوقية والانبوبية) وكذلك أعمال الحماية بأنواعها الثمانية والتشطيبات النهائية.
2. عمل مديراً لمشروع الصيانة الوقائية لطريق نجران – ظهران الجنوب حيث تضمن المشروع تعديل وتهيئة عدد 8 منعطفات خطيرة .
3. تنفيذ مشاريع التمديد الهاتفية الخارجية من حفريات وتمديدات وتركيب كبائن ومقسمات وجميع أعمالها المدنية من (كوندويت ومناهل) وغيرها في كل من نجران وأحد رفيدة بضواحي خميس مشيط.
4. تنفيذ أعمال أبراج المايكروويف في كل من خميس مشيط والمسقى بأبها وغيرها.
رابعا ً: أعماله في اليمن
وبعد هذه المسيرة الحافلة بالعطاء والإنجاز قرر العودة الى الوطن وذلك في عام 1990م رغم العروض المبذولة لبقائه في المملكة العربية السعودية ليلتحق بالعمل في وزارة الإسكان والتخطيط الحضري بأمانة العاصمة ليبدأ مسيرة عطاء جديرة بالذكر نسرد منها أهم الانجازات التى قام بها وأسهم وشارك فيها:
● الإشراف على تنفيذ عدد من المشاريع السفلتة والرصف والإنارة لبعض أحياء العاصمة صنعاء من قبل الوزارة .
● الإشراف على تنفيذ مشروع تصريف مياه السيول (الصافية – الجامعة الجديدة) البالغ طوله نحو (4650) متراً طولياً من قبل مكتب الإسكان والتخطيط الحضري بأمانة العاصمة صنعاء .
● المشاركة في تخطيط الأراضي ووضع المخططات الرسمية لبعض الأحياء الجديدة بالعاصمة صنعاء وتعديل بعض المخططات الأخرى في ضواحيها.
● المشاركة في تدريب الكوادر الملتحقة حديثاً بالوزارة من مهندسي القطاع العام.
● عمل مهندساً منتدباً لدى محافظة صنعاء بقرار وزاري للإشراف على تنفيذ ثلاثة عشر مدرسة حكومية بمديرية ريمة/محافظة صنعاء بين عام 96 حتى 98م.
● بتكليف من رئيس الجمهورية ومحافظ محافظة صنعاء قام بإعداد المواصفات الفنية والتنفيذية وحساب الكميات والأسعار (الميزانية) لمشروع ترميم قصر الروضة بصنعاء (قصر الإمام) للحفاظ على معالمه التاريخية والأثرية والممول من قبل البنك الدولي ثم الإشراف على تنفيذ المشروع.
● كما أنه ترأس كثيراً من اللجان المشكلة لتنفيذ مهام محددة وبمجالات مختلفة منها على سبيل المثال : دراسة توزيع الميول لمشروع شق طريق (علوجة – كسمة) بمحافظة ريمة.
اعماله على مستوى القطاعين الخاص والمختلط:
أما على مستوى القطاعين الخاص والمختلط : فقد عمل الدراسات الفنية والمالية والتنفيذية لعدد من المراكز الخاصة والمشتركة ين الدولة والقطاع الخاص حيث قام بتنفيذ التصاميم الهندسية والفنية والرسومات التفصيلية وإعداد المواصفات الفنية والتنفيذية مع حساب وإعداد جداول الكميات التنفيذية مع عمل الميزانيات المالية التقديرية والنتائج النهائية لبدء التنفيذ لمجموعة من المشاريع نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1. مركز الأنصار التعليمي النموذجي بريمة.
2. مركز الفاروق التعليمي والصحي الخيري بريمة ويتكون من مدرسة وسكن للمدرسين والأطباء ومستوصف وجامع بمرافقه وإمداده بالمياه من مسافة (1230) متراً والإشراف على ما تم إنجازه من المشروع .
3. مركز الإيمان بريمة والذي يتكون من مدرسة مكونة من (12) فصلاً بجميع مرافقها من سكن للمدرسين وقاعة اجتماعات وسور.
4. عمل الدراسات الفنية والتصاميم الهندسية والميزانية لمشروع مركز الفتح الإسلامي لتعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية بمحافظة عمران .
5. جامع الحكمة بريمه والشرف ومدرسة سما بعتمه، وغيرها من المشاريع التي لا يتسع المقام لسردها وفي مختلف المحافظات .
6. كما انه وخلال هذه الفترة الزمنية كان يدير عمله من خلال "مؤسسة الصرح لتصدير الحجار اليمنية" حيث اشرف على تصدير الأحجار اليمنية إلى دولة قطر وتلبيس مجموعة من المباني منها عمارة الجابر بشارع المنصورة في مدينة الدوحة ، حيث حقق المشروع نجاحا مبهراً نال الإعجاب وفاق التوقعات .
خامساً: خبير عدل في المحاكم اليمنية.
كما أنه كان يُكلف من قبل المحاكم اليمنية كمهندس عدل للتقدير والتقييم في المنازعات المنظورة أمامها والمتعلقة بالجوانب الفنية والهندسية لما كان يتمتع به من خبرة وقدرة عالية في احتوائه لكافة الجوانب وغالبا كان القضاة يأخذون بتقاريره ويجعلونها سنداً لأحكامهم لما فيها من الدقة المتناهية والحرص والتحري الفني المدعوم بالخبرة وقوة الطرح ، مما يفضي إلى انتهاء النزاع والخلاف بين الخصوم.
سادساً: التعامل معه كأمين شرعي.
لقد كان رحمه الله يتمتع بمحبة غامرة في قلوب الناس لما يمتاز به من صدق وأمانة الأمر الذي جعل الكثيرين يصرون على تحرير وثائقهم واتفاقياتهم بقلمه رحمة الله تغشاه، بل إن الكثير يصرون على عقد القران على يديه ، وكانت جميع محرراته الشرعية تقابل دوماً بالاعتماد والتصديق من الجهات المختصة في الدولة ويعامل معاملة الأمين الشرعي المعتمد.
سابعاً: مدققاً ومراجعاً لغوياً.
وقد كان رحمه الله يمتاز بقدرة عالية في إتقان اللغة العربية الفصحى الأمر الذي جعل منه مراجعاً لغوياً لكثير من الكتب الجامعية وغيرها من الكتب ورسالات الماجستير والدكتوراه وكذلك العديد من المجلات الدورية التي لا تصدر إلا بعد تصحيحه لها ومن هذه الكتب على سبيل المثال:
● كتاب الإدارة الاستراتجية.
● كتاب إدارة الموارد البشرية.
● كتاب السلوك التنظيمي.
● كتاب كيفية الطعن في المحاكم العليا.
وغيرها العديد من الكتب والمجلات ورسالات الماجستير والدكتوراه التي لا يتسع المقام لذكرها.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى اللهم آمين …
ثامنا وفاته:
انتقل إلى رحمة الله المهندس/ محمد بن ياسين النجدي، بعد ظهر يوم السبت 2 ذو الحجة 1440هـ الموافق 3 أغسطس 2019م.
دفن في مقبرة الرحمة في حي هبرة بعد صلاة الظهر يوم الأحد 3 ذو الحجة 1440هـ الموافق 4 أغسطس 2019م
خاتمة:
هذا ما تمكنا من سرده على أمل أن نكون قد أنصفنا للوالد المهندس محمد ياسين النجدي رحمة الله تغشاه وأشبعنا سيرته الذاتية بما ذكرناه من إنجازات وعطاء وبعد الاستعانة بعدد من مذكراته وأرشيفه المتبقي من الأوراق والمواقف الخالدة في ذاكرة محبيه
.....
اعداد :
معاذ محمد ياسين النجدي
أسامة محمد ياسين النجدي
متابعه وتجميع م.محمد غالب السعيدي
١٠ مارس ٢٠٢٢م
........
نص المقابلة التي أجرتها جريدة الجزيرة :
الصادرة يوم الأحد 21 جمادى الآخرة هـ الموافق 2آذار (مارس) 1986م – العدد (4903):
نص المقابلة التي أجرتها جريدة الجزيرة الصادرة من الرياض مع المهندس/ محمد بن ياسين النجدي، -رحمه الله- ونشرتها في عددها رقم 4903 يوم الأحد 21 جمادى الآخرة 1406هـ الموافق 2 مارس 1986م.
سنرفق لكم نصها
ساعتان للملتقى في منزل العائلة اليمنية:
م/ محمد النجدي:
بدأت حياتي العملية مجاوداً بمكة حتى أصبحت مهندساً مدنياً
وأنشأت معهداً علمياً بقريتي في اليمن .. وكان لي هذا الموقف
في كثير من الأحيان يصعب على الإنسان أن يذكر ماضيه لكنني كلما تذكرت صفحات طفولتي وبعدها مراهقتي -التي لم أتمتع بها- ثم شبابي وإلى الآن أجد نفسي وكأني أقلب كنوزاً ثمينة تدفعني إلى السير قدماً في طلب المزيد وأشعر بالفخر والاعتزاز بما وصلت إليه من لا شيء. وعلى مرآة المغتربين -صفحتكم- يمكنكم إعطاء صورة متكاملة بما فيها من مآسٍ وأفراح لقرائكم لعلها تكون مثالاً للتصميم والمثابرة تحت مظلة العناية الإلهية والتوفيق الرباني.
وقبل أن أبدأ تقليب صفحات الماضي أحب أن أنوه إلى أن كل كلمة تقال هنا هي وصف صادق وصريح لمرحلة من مراحل حياتي ودون زيادة أو مبالغة، كما أنني عندما أضع مسيرة حياتي بين يدي شاب عزيز على كل مغترب ليختار منها ما يراه للنشر صالحاً، فإني في الوقت نفسه لا أخجل من أي صفحة من صفحات حياتي ولله الحمد.
هكذا بدأ حديثه معنا. ذلك هو رب الأسرة اليمنية الصغيرة المهندس/ محمد ياسين حسن النجدي من اليمن الشقيق.
- المنشأ: أنا من عائلة يمنية تسمى سادة بني النجدي، هاجر الجد التاسع لي منذ ما يقرب من مائتين وخمسين سنة من الحجاز واستقر في جبل كبير بمنطقة ريمة باليمن، فتوطن فيه وتناسل إلى أن أصبح قوام العائلة الآن ما يقارب الخمسة آلاف نسمة، ويدعى هذا الجبل (جبل خنع) بضم الخاء وفتح النون.
موطني باليمن
اسم الموطن الجديد يسمى - عزلة أو مغرم - بني منصور وهو تقسيم إداري متبع باليمن (محافظة ثم قضاء ثم ناحية) والناحية مقسمة بدورها إلى مغارب أو عزل وهي واحدة من 42 عزلة تكون الناحية.
وتقع المنطقة في المثلث الواقع على رؤوسه صنعاء في الشرق وتعز في الجنوب والحديدة في الغرب وتبعد الحديدة حوالي 130 كلم وهي الأقرب. وتتميز المنطقة بجو معتدل طوال العام نتيجة للغطاء النباتي الكثيف.
وصولي إلى المملكة
وفي عام 1379هـ رجب كان دخولي للملكة عن طريق جيزان بصحبة والدي واثنين من إخواني - حسن، أحمد - وأنا أكبرهم وعمري 9 سنوات، وكان والدي ينوي الإقامة بمكة أو المدينة.
عملت صبياً
وفي شوال سنة 1379هـ طلبني أحد سكان مكة من والدي لأعمل عنده صبياً ، وأفهم والدي بأنني سأكون مثل أولاده وأكثر وبدأت أعمل (صبي بيت).
تركني والدي بمكة
وفي شهر صفر سنة 1380هـ حضر والدي لأخذي معه بعد أن حج وفكر في العودة، لكن صاحب البيت أفهمه بأنه سوف يرعاني ويوفر لي كل شيء وأمرني والدي أن أمكث وعاد هو وإخواني إلى بلادهم.
وهنا كانت بدايتي مع الغربة واليتم والمعاناة.
لقد تركني والدي بمكة مجهولاً لا جواز ولا إثبات شخصية وعمري لا يساعدني على حسن التصرف ولا أعرف من اسمي سوى ثلاثة أسماء (محمد ياسين حسن) ولكن كيف أثبت للآخرين ذلك.
وبعد سفر والدي بشهر واحد تغيرت معاملة الأسرة التي أعمل عندها وبدأوا يكلفوني بأعمال لم تكن في ذهني مقبولة.
أصبحت ضائعاً
ومنذ الساعة الأولى وأنا أسير في السوق هائماً على وجهي فإذا بي أسمع صوتاً يناديني - تجاود يا واد؟ -
وبدأت قصة أخرى مشابهة استمرت ثلاثة أشهر ثم أخرى لشهرين وثالثة كانت هذه المرة لدى رجل كريم يدعى (سليمان طلاقي).
همت في الشوارع
وفي عام 1381هـ وبعد معاناة وجهد العمل الذي لم أكن أطيقه لصغر سني وجهلي بكل معاني الحياة خرجت من لدى عائلة (طلاقي) - وكانوا يسكنون بالفلق وللرجل قهوة في الحوض بالعزيزية - أبحث عن عمل غير خدمة البيوت فذكر لي دلال يسمى العم موسى رحمه الله، وذهبت إليه لأبحث عن عمل.
بداية الانطلاق
وكانت بداية الانطلاقة ووضعت قدمي على أول درجة في سلم الطريق الصحيح، قال العم موسى: اسمع يا واد، في واحد يبغى صبي وهو أعمى يعني ما يشوف، إيش رأيك؟
وتهللت أساريري وشعرت دون أن أعرف السبب بأني سوف أقابل والدي في ذلك اليوم، فقلت: موافق يا عم موسى، قال: على بركة الله، بس خلي بالك.
العمل الجديد
وتمتمت في نفسي؛ ربما يكون أرحم من الذي مر علي خلال السنوات الماضية. قمت وسلمت وأخذ الرجل يمسح بيديه على رأسي لكونه أعمى. لكنني كنت مستسلماً لتلك اللمسات الحانية ولأول مرة ينتابني ذلك الشعور الذي حرمت منه مدة طويلة لكن كلمة (أمين) رسخت في فكري وسُجلت بحروف من نور.
بعد مناقشة لم أكن أهتم بتفاصيلها أخذني الرجل من يدي وذهبنا إلى بيته وقبل الوصول عرجنا على السوق فقرر شراء ملابس جديدة لي.
بكيت لهذا الموقف
هنا وجدت أهلي وأحسست بهم وأحسوا بمشاعري فانخرطت في البكاء الشديد ولعلها كانت دموع الفرح التي غسلت وعثاء الأيام السابقة القاسية، وابتدأت حياتي تأخذ شكلاً آخر.
اختبارات الأمانة
أخذ عمي الجديد يمارس معي شتى الاختبارات للأمانة، للذكاء، لسرعة البديهة، قابلية التعليم، عدم النسيان .. إلخ، إلخ. واستمرت تلك الاختبارات ستة شهور وجدني ابناً باراً مطيعاً أميناً ومتعطشاً لمعرفة القراءة والكتابة، لا ألمح حرفاً إلا وحفظته ولا لوحة إلا ورسمت شكلها في مخيلتي.
واستمرت بنا الحياة أربع سنوات تخرج بعدها العم صالح وسافر للرياض، (ونزل عند إخوانه عبدالعزيز المحمد الخالد الرشيد - مدير التعليم الابتدائي بالرئاسة العامة للبنات، وزامل المحمد الخالد الرشيد، الذي كان يدرس بكندا آنذاك وعائلته بالرياض، والآن أصبح دكتوراً ومستشاراً، وتم تعيينه بالمتوسطة الأولى بالدمام فكانت صدمة له (صالح الرشيد) حاول التوسط لتعيينه بالرياض ولكن لم ينجح فكان دوري ..
موقف مع وزير المعارف
ذهبت إلى وزير المعارف الشيخ حسن عبدالله آل الشيخ، آنذاك وهناك كان لي موقف طريف مع بواب مكتبه أرويه كما يلي:
أردت الدخول على الوزير فرفض البواب لكوني صغيراً وأخذت احتال عليه يميناً وشمالاً لكن دون فائدة.
دخلت على الوزير
فانشغل عني لحظة بمجيء أحد المراجعين فاندرجت تحت مشلحه وطلبت منه إدخالي فقبل ودخلت المكتب الفخم وجلست حيث انتهى بي الصف وأخذت أنتقل من كرسي لآخر حتى اقتربت من معاليه وهو يلحظ تنقلاتي بين لحظة وأخرى حتى إذا انتهى طابور المراجعين دعاني بلطف وحنان وسألني عن حاجتي، فقلت له القصة فأكبر طلاقة لساني وجرأتي فكتب إلى وكيله إبراهيم الحجي ينتدب الأستاذ/ صالح الرشيد إلى الدمام بقية هذا العام على أن يعين بالرياض ابتداء من السنة الدراسية القادمة، فكان ما أمر معاليه وما زلت أذكر هذا الموقف.
عدنا إلى الرياض
وعندما عدنا إلى الرياض كان قد بقي على بداية امتحان الشهادة 11 يوماً فقط فأتيحت لي الفرصة للمراجعة ودخلت الامتحان ونجحت بتقدير جيد جداً.
دراستي الليلية
وبعد ذلك استمرت دراستي الليلية بالمدرسة المتوسطة الأولى بشارع العطايف سنة بسنة حتى حصلت على الشهادة المتوسطة.
ثم دخلت الثانوية (ثانوية الجزيرة) وكان للأستاذ/ محمد أبو سليم أمير عنيزة الآن ومدير الثانوية آنذاك فضل علي كبير.
تخرجت من الثانوية وأحببت زيارة أهلي باليمن قبل الدخول للجامعة.
ومكثت في بلادي سنة انخرطت خلالها بسلك التدريس في مركز الناحية (وتسمى ناحية كُسْمَة) حققت نجاحاً كبيراً على مستوى المنطقة.
رجعت إلى الرياض
ثم عدت بعد ذلك حوالي سنة 95/96هـ والتحقت بكلية الهندسة وكان عميدها آنذاك الدكتور/ صالح العذل (أواخر أيامه).
رجعت لليمن وبنيت معهداً
استمرت دراستي ثلاثة فصول دراسية سافرت بعدها لبلادي في أول وأطول عطلة صيفية (5 شهور) أدركت خلالها أن قريتي ليس بها أي مدرسة فجمعت الأهالي وجمعت منهم مبالغ معينة وبدأت العمل في بناء معهد نموذجي خططت وأشرفت وباشرت تنفيذه وتكلف حوالي 400,000 ريال، ووجدت هناك مما أخّر المشروع وفقدت سنة دراسية كاملة وعدت للدراسة قبل إنهاء المشروع.
الرشيد وقف معي
وتقدمت للشيخ عبدالله العبدالرحمن الرشيد بطلب المساعدة العينية فأمر بصرف مائتي مقعد دراسي من مصنع الرياض للأثاث على نفقته الخاصة وساعد في إيصالها إلى جدة على حسابه أيضاً.
وهناك شحنت على باخرته (نجد) ووصلت للحديدة مجاناً.
وهكذا تم ميلاد معهد بني منصور العلمي الذي أشرف عليه حتى الآن وكان لأهل الخير بالمملكة فضل كبير في إنشائه.
ولما شعرت أنني قد تعثرت في دراستي عدت وصممت على إنهاء المرحلة الجامعية حتى تخرجت في الدفعة الثالثة والعشرين في الرابع من شهر رمضان سنة 1404هـ.
- الكثير من زملائي بالدراسة الليلية هم الآن يشغلون مناصب ممتازة فمنهم وكيل وزارة ومنهم مدير بنك ومنهم رئيس مجلس إدارة .. إلخ، لكنني لا أجدهم إلا بالصدفة.
- كونت خلال المرحلة الجامعية الكثير من الصداقات ويواجهني دائماً أصدقائي بالارتياح والحب والاحترام المتبادل ولعل السبب في ذلك أنني أشعر بالحب والتقدير لجميع من أتعامل معهم إضافة لكوني اجتماعياً وصريحاً وأتمثل الصدق في كل تعاملي مع الآخرين ولو أن صدقي وصراحتي يسببان لي المتاعب أحياناً.
- أولادي: كمال 8 سنوات، أسامة 7 سنوات، معاذ -ولد وسميته على اسم المعهد آنذاك- 5 سنوات، حنان وعمرها ثلاث سنوات تقريباً.
تنويه هااااااااام:
من ابناء محافظة ريمة من جميع التيارات و الانتماءات الفكرية والسياسية والثقافية والدينية دون تمييز في العرق والجنس واللون والانتماء السياسي والمذهبي والفكري
ملاحظة :
نسمح بالمشاركه والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي شريطة احترام حقوق الملكية . ذكر المصدر اسم كاتب الترجمه واسم الصفحة مع الرابط المرفق للصفحة على الفيسبوك من هنا