#شخصية_من_ريمة الشخصية رقم(259)
المناضل السبتمبري/ محمود قاسم رضوان الضبيبي رحمه الله تعالى |
المناضل / محمود قاسم رضوان الضبيبي
رحمه الله تعالى المتوفي في ديسمبر 2022
مقال صحفي :
علي حسين الضبيبي
اندفع آلاف الشبان اليمنيون في الاشهر الاولى لثورة السادس والعشرين من سبتمبر من مختلف الألوية، الى جبهات المعارك تلبية لنداء "صوت العرب"، دفاعاً عن الثورة.
من قضاء ريمة وحدها، حسب شهادة المناضل السبتمبري محمود قاسم رضوان، تجمع في اسبوع واحد الى مركز القضاء (الجبي)، أكثر من ثلاثة آلاف شاب، ينحدرون من نواحيها الخمس (الجبين، السلفية، كسمة ، الجعفرية، بلاد الطعام). وعندما تحركوا بقيادة المناضل الجسور عبده علي ياسين الهتاري، كان أولهم في "تبة الشاوش" المحاددة لسهل تهامة وآخرهم في الجبي (اعالي الجبال)، راسمين مايشبه قوس قزح المائل من الجبل باتجاه البحر.
كان الوالد المناضل محمود قاسم رضوان في وسط هذا القوس ضمن طلائع الثوار، الذين اندفعوا بحماس منقطع النظير، نحو الحديدة، لملاقاة المشير السلال، مشفوعين بوعود قطعها لهم مشائخ العزل بإرسالهم الى مصر للدراسة والتدريب.
يقول محمود قاسم، الذي يتذكر تلك اللحظات المفعمة بالأمل والحيوية وبالنشاط والحماسة:" نقلونا من المنصورية وبيت الفقيه على قلابات وبوابير الجيش المصري (كليوبترا) ، وبعد يومين جمعونا في ميدان فسيح بالحديدة والقى فينا الرئيس السلال وهو يتصبب عرقاً كلمة قوية وبجواره محمد الرعيني، ثم وزع علينا السلال بيديه السلاح ، وهي عبارة عن بنادق من نوع "شرفة" وبعض "الجرامل" وكان نصيبي بندق جرمل مثل قلب الكاذية".
ويضيف الوالد محمود قاسم، وهو يسير في عقد الثمانينات اليوم، لكن طريح الفراش تحت معاناة شديدة مع المرض:" نقلونا الى معسكرات التدريب في عبس، واستقبلونا الضباط المصريين ببدلاتهم وقاماتهم الشامخة واتذكر منهم كبير المدربين الرائد عيسى أحمد عيس، وكانت عبس مكتظة بعشرات المعسكرات التدريبية والغبار ينبعث من تحت اقدامهم الى اعالي السماء، وهناك تم فرز هؤلاء المقاتلين الى فريقين؛ فالجبالية وانا منهم ارسلونا الى جبال حجة والمحابشة، وابناء السهول والتهايم ارسلوهم الى حرض، وأمام الفريقين كانت النار الحمراء بالانتظار، لكن كانت عزائم الرجال تتغلب على كل هذه المصاعب، اندفعنا كالطواهيش".
ولأن الامام البدر كان يتنقل داخل هذا المثلث من حرض الى المحابشة الى رازح، فيمكن الاعتقاد أن أشد معارك الجمهورية وأكثرها ضراوة كانت تخاض في هذه البيئة الوعرة التي تتداخل فيها طبائع وتضاريس الجبل والسهل.
عندما هرب البدر من صنعاء، عشية الثورة، اتجه شمالاً بغرب، قاصداً شيخ الأدابع علي مهدي الأدبعي، أحد مشائخ حجة التهامية، ولم تذق عيون البدر النوم الا في بيت هذا الشيخ الممشوق على ربوة فوق سوق الأمان.
والى هذه المساحات الشاسعة حول الأدابع، بشعابها وآكامها وأوديتها المحشوة بالعروش وغابات الشجر، والمطوقة من جهة الشرق بجبال حجة وحيودها الشاهقة اُرسل الآلاف من المقاتلين اغلبهم من ريمة، الذين انضووا تحت اسم "قوات الحرس الوطني".
يتذكر محمود قاسم العشرات من زملائه رفاق النضال والسلاح، اغلبهم شخصيات عاشوا كل عقود ما بعد الثورة كفلاحين عاديين ولم يكن أحد يعرف انهم التحقوا بميادين الدفاع عن الجمهورية، وبعد أن انتصرت عادوا الى قراهم يزرعون الأرض دون أي اعتبار او تقدير أو حتى لفت انتباه اليهم من المسئولين المتعاقبين طيلة العهد الجمهوري، بل ان هؤلاء المناضلين لم يسلم الكثر منهم من أذية المشائخ، وتنافيذهم لتسليم بنادقهم التي دافعوا بها عن النظام الجمهوري.
من هؤلاء المناضلين ؛ وفقاً لذاكرة الوالد محمود قاسم رضوان:" سعد محسن رضوان، قاسم احمد يوسف الحيدم، صالح الحاج عليان، سعد علي رهن، الظفر، منصور اسماعيل نورالدين، مقبل مثنى سدح، عبده مهدي جسار، يوسف البدجي العلياني، محمد صالح مُحمد، السيد مشهور البكالي ونجله السيد مساوى مشهور، سعد علي صالح ، سعد قائد عرونة، مقبل مهدي صرو، حسن عبدالله المجنون، علي صالح العلياني، ناصر ابراهيم المصرع، علي يحيى البقعة، عبدالله علي حسن عليان، سعد البريع صاحب المهامل وغيرهم وغيرهم كثير".
وعلى رأس الجميع المناضل الشجاع عبده علي ياسين الهتاري، الذي كلفه السلال بقيادة المتطوعين من نواحي ريمة، في بلاد حجة . ويضيف الوالد محمود قاسم رضوان:" كان عبده علي ياسين، أكبر منا سناً، طويلاً رشيقاً وأنيق المظهر، مقطوب الهيئة، وكان يرمي الزهر، وكانت علاقته قوية بالمناضل أحمد قرحش القائد العام".
لا يزال المناضل محمود قاسم يتذكر كل شيء، بما في ذلك القرى التي مروا بها، واسماء الحيود في قضاء الشرفين والوديان السحيقة التي كانت القوات الملكية تكمن فيها، وتلك المعارك الشديدة التي خسروا فيها عددا من رفاقهم، وكيف سقط السيد مشهور وابنه مساوى في الاسر بيد القوات الإمامية، بعد ان تحصنوا في حيد اياماً وقاوموا واسقطوا ببنادق عدداً من القتلى، وعندما فرغت ذخائرهم ونفذ الطعام طوقوهم وأسروهم أخذوا سلاحهم أولاً، ثم صفوهم.
يقول:" تكّون (اصيب) علينا قاسم احمد يوسف الحيدم في المحابشة بمنطقة الرصعة، وكنت يومها على رشاش شيكي في منطقة الهجرة، ومعي صالح الحاج عليان وسعد علي رهن، الذي تكّون ايضاً والظفر، واستشهد من اصحابنا في بيت العروضي بالمحابشة عبده مهدي جسار واستشهد في نفس المعركة يوسف البدجي عليان وجرح محمد صالح مُحمّد سُدّح بضربة سيف في كفه الأيمن عندما رفض تسليم بندقيته التي نفذت منها الذخيرة، وكان مقاتلي البدر قد هجموا على هذه المجموعة المتمركزة في بيت العروضي الى داخل خيامهم وسط مطر غزير مستخدمين الجُرد والسيوف".
يضيف:" عندما تحركنا من عبس باتجاه جبال الشرفين والمحابشة صرفوا لكل واحد مائة طلقة رصاص، وكان ذلك غير كافٍ حيث انسحب البعض متذمرين من هذا الوضع، وصعدنا من عبس الى ربوع الجوانة ثم الى جيّاح والجميمة ثم قفل شمر والشاهل والطهنة وصولاً الى المحابشة وتم التمركز هناك، وكان قائد اللواء أحمد قرحش، الذي وزعنا على المواقع كان شابا لابس بدلة وعندما وصلنا الى اطراف المحابشة توقفنا فأشار أحمد قرحش بيده قائلاً: هناك المعارك وهناك الحرب، وتم توزيعنا على بيت العروضي وبيت الصعدي وعلى الهجرة والرصعة والوعلية ودارت هناك أشرس المعارك التي استمرت اسابيع".
يواصل السرد:" كنت على رشاش وكان معنا العديد من الزملاء اتذكر منهم زميل مقدمي من بني مطر اسمه محمد صالح شديدة، وبعد ان كسبنا معركة الهجرة صعدنا الى الى بيت العروضي والوعلية، ثم الى معارك الرصعة وشرس وجبل الشعر والقاهرة والقرانة والمذروح، وهناك وصل المقادمة عبده علي ياسين وسعد علي صالح (ابن عم الشيخ مهدي صالح ابراهيم) وهم مقادمة وكان مركزهم في المحابشة".
ويتذكر كيف تقدموا على ناحية المفتاح :" وهي بلاد الشيخ علي قاسم قوارة وبعد المفتاح بيت المرهبي اسفل الجبل وكنت يومها عريف على راس مجموعة من اصحابنا وسيطرت انا وهذه المجموعة على بيت المرهبي ثم خضنا معارك شرسة في وادي طِهِنّة كسبناها في النهاية".
يضيف:" ثم استلمنا بقيادة عبده علي ياسين علكمة وبلاد الشيخ عبدالله الملاهي والشيخ عبدالله علي مكين، ثم أخذنا قارية والمخرنّف والشعارية". ويتذكر جمال تلك القرى الكبيرة وبنائها المرتفع الذي يشبه قصور صنعاء القديمة، ويضيف:" ثم اتجهنا نوسان وعزّان واستلمنا قضاء كحلان (الشرفين)، ومن نوسان والقبة وهي بلاد قريبة من الاهنوم حتى وصلنا جبل نَعمان وقارة، وهناك قام أحمد قرحش بنقلنا الى قفل شمر، وعندما وصلنا وجه احمد قرحش بحبسنا، على خلفية انسحاب مجموعة من اصحابنا متذمرين من نقص امدادات الطعام ونقص الذخائر، واتذكر من هؤلاء الفرار: سعد قائد عرونة وسعد محسن رضوان ومقبل مهدي صرو واثنين من بني عليان، واحتبست بسببهم انا وناصر ابراهيم المصرع وسعد علي رهن في سجن القرانة بالمحابشة، وبعد ان طال حبسنا رفعت برقية الى المقدم علي عبدالله سلال في صنعاء الذي وجه بإطلاقنا، وبعد الاطلاق صدّرنا أحمد قرحش الى قفل شمر ، وبقينا في الحصن المرتفع فوق السوق، أما اصحابنا الذين انسحبوا بسبب الاوضاع المعيشية والتموينية فما ان وصلوا الى بيوتهم حتى نفّذ عليهم المشائخ عساكر يطلبون تسليم البنادق فسّلم بعضهم وبعضهم رفض".
ذاكرة هذا المناضل الشجاع مليئة بالكثير من التفاصيل الميدانية، ورغم صموده والمئات من رفاقه في ميادين الثورة، إلى ان انتصرت فقد وجدوا انفسهم عقب انتهاء الحرب خارج كشوفات الجيش، فاتجه مطلع السبعينات للإنتماء الى وحدات الأمن المركزي، لكن الأمر لم يدم طويلاً، فبسبب التطفيش والتهميش قرر البحث عن اعمال خاصة فكانت الغربة هي الوجهة الأنسب للبحث عن المعيشة.
الكاتب:
اقتباس من مقال قديم للكاتب والصحفي القدير
علي حسين الضبيبي
ــــــًــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المناضل محمود قاسم رضوان هو والد الزميل القدير الفنان والصحفي محمد محمود رضوان احد قداماء كوادر مؤسسة الثورة للصحافة (فنان تشكيلي ورسام)..
الوفاة :
توفي الشيخ المناضل / محمود قاسم رضوان الضبيبي بتاريخ 2 ديسمبر عام 2022
من التعازي
١- رسالة عزاء د. حيدر رضوان
إلى أخي العزيز صاحب الريشة الإعلانية الأولى والخط في اليمن الاعلامي الأستاذ محمد محمود رضوان
من قلبي
الحزين يخط مشاركة الحزن على فقيد ثائر ورحل بقد تعبير الفراق وءآلام الصبر
كان بمقام الأب البار يعلم دونما صخب اوإنفعالات اوتجريح بل يزيد في رفع المعنويات وكأنه خليفة يمتلك
انواع الأساليب بمثابرة وإصطبار فخور بأبنائه مروح بطبائعه الفريد كالسهل يتقبل حرارة الشمس ووهج الحياة ليضلل لئآلئه المكنونه بحنان الأبوبه
اسريت روحه إلى الله بين جناح حفضته الكرام روح تفوح بالطيب والنقاء والمحبة والإخاء
صاحب الإبتسامة الهلالية من صفاءلمعة المآس المتناثر على ضوء الشمس والضحكة العقيقة من بين شفتيه الوردية الفواحة بالطيب وسجايا الأخلاق
والدكم الذي هو والدناالشيخ المناضل .. محمود قاسم رضوان
ذاك الإنسان من معدن الإيمان صاحب القلب اللين والرقيق فارشا لي جناحيه في مهد الثانية عشر من عمري
حاضنا إيايا تحت سقفه المبهج يتناغم من حسن معاملته
بتوزيع موسقي بلسمي الصوت ملائت نسائمه جوانحي صانعا الأمل في الوان الطيف بحرية التميز والتأسي بصنعاء صانعة الرجال والمهن العديدة تنبض بشوارع صنعاء كاتبا في كفي قيادة الحياة وشق طريق الوصول.
حيث أنا اليوم قلم بإذن الله لن يخفى على أطراف مبلغ الشمس.
فكان الكفة الأولى قابلته كفة الدكتور الراحل إلى الله العالم العربي في علم النفس والعقل والأعصاب والسياسة والأدب والفكر وشؤون الحياة
الدكتور محمد يحيى الشرفي
إثنان يصعب على بالي وقلبي نسيانهم فلا تسعني اليمن أن أخط على كفها من رد المعروف والوفاء والمحبة للهامتان التي دللتني وروضتني على مركب الفكر والآداب.
سوى الدعاء بالرحمات والمغفرة من الله عليهما سرمدية ابدية حاملة إياهما إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر
بر رؤوف رحيم محب لهما مع الأنبياء والأوصياء والشهداء والصالحين
تقبلوا خالص وأحر التعازي مشاركا حزنكم في مصابكم الجلل لفراق والدكم وكتب الله وعظم واحسن عزاكم ورحم والدينا ووالدكم .
٢- مهدي مرشد تارة ولا نقول الا ما يرضي ربنا لله ما اخذ ولله ما اعطى نسأل الله أن يخلف علينا بأحسن خلافة ؛ انتقل الى جوار ربه الوالد الكريم والبزي الفاضل المناضل / محمود قاسم محسن رضوان بعد حياة حافلة بالكفاح والنظام ابتداء بالتحاقه بالجيش الوطني والمشاركة في فك حصار السبعين على صنعاء ثم الكفاح في شتى دروب الحياة ، ولقد كان رجلا كريما شهما شجاعا ذو خلق عال ومظهر أنيق ، لا يمل الحديث معه ، وكان اخر عهد به قبل ثلاث سنوات في مدينة جده في المملكة العربية السعودية ولكم كان فرحا باللقاء فقال طابت نفسي بلقائك ،رحمه الله رحمة الأبرار واسكنه جنة تجري من تحتها الأنهار ؛ فعزائي الحار لنفسي ولاخي الاستاذ / محمد محمود رضوان ومن خلاله لكافة الاسرة الكريمة واحفاد الفقيد وبني إخوانه النبلاء وجميع اهلنا في بني رضوان ، اللهم اغفرله وارحمه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وانا لله وانا اليه راجعون .