ياسين بن أبي القاسم بن علي الهتاري (النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري) خطاط وزخرفي بارع من محافظة ريمة

#شخصية_من_ريمة الشخصية رقم(274)

الشيخ و الخطاط/ ياسين بن القاسم الهتاري

فقيه وعالم و خطاط

الميلاد والنشأة

ياسين بن أبي القاسم بن علي الهتاري

(النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري)

خطاط وزخرفي بارع من محافظة ريمة –اليمن

نشأته وحياته المبكرة:

وُلد ياسين ابو القاسم بن علي بن علي بن عبد الله بن علي بن عبد الرحمن الهتاري في قرية "علي حاج" بعزلة بني الضبيبي، مديرية الجبين بمحافظة ريمة، في النصف الأخير من القرن الثالث عشر الهجري. نشأ في أسرة عريقة، اشتهرت بتعليم القرآن الكريم وكتابة المصاحف والمخطوطات. تلقى تعليمه الأولي في القرآن الكريم والخط على يد مشايخ من أسرته التي كانت معروفة بتعليم العلوم الدينية والفنون الخطية عبر الأجيال.

عاش الهتاري في فترة مضطربة سياسيًا، شهدت نهايات حكم الأتراك في اليمن وظهور حكام محليين وأئمة متعددين في صنعاء ومناطق أخرى. تلك المرحلة انعكست بشكل مباشر على طبيعة أعماله الفنية التي ازدهرت في بيئة غنية بالتراث الثقافي.

إسهاماته في الخط والزخرفة:

تميز ياسين الهتاري كخطاط وزخرفي استثنائي من الطراز الأول، وقدم إرثًا خالدًا من المصاحف والمخطوطات المزخرفة التي حملت بصمات فريدة في فن الخط والزخرفة. من أبرز أعماله:

كتابة المصاحف القرآنية:

كتب نسختين من القرآن الكريم، كل نسخة مؤلفة من 30 جزءًا، حيث تم وضع كل جزء في مجلد مستقل.

زين أوائل السور القرآنية بتصميمات هندسية وزخارف نباتية مبهرة، مستخدمًا ماء الذهب وألوانًا طبيعية مستوحاة من البيئة اليمنية.

أضاف في الحواشي تفسير الجلالين وأحكام التجويد، مما منح المصاحف قيمة علمية بجانب قيمتها الفنية.

كتابة صحيح البخاري:

نسختان مكونتان من 6 مجلدات كبيرة لكل نسخة.

تميزت هذه النسخ بدقة الخط والتزيين الذي يعكس براعته في المزج بين الفنون الخطية والزخرفية.

أعمال زخرفية أخرى:

ترك بصماته الفنية على أسقف المساجد القديمة والمنازل العريقة في ريمة، مثل جامع الأعور، وقصور الحيم في مديرية الجعفرية، والجامع الكبير في مركز المحافظة، ومنزل الجباري في قرية الأكَمَة.

زخرف تلك المباني بنقوش نباتية وزخارف هندسية، مستخدمًا ماء الذهب وألوانًا زاهية، مع كتابة آيات قرآنية بخط كوفي بارز.

خصائص أعماله الفنية

1. الخط الكبير والواضح الذي استخدمه في كتابة المصاحف.

2. زخرفة الأجزاء الأولى من السور بإطارات زخرفية وهندسية متقنة.

3. استخدام المترب، وهو مسحوق يمنح الورق بريقًا فضيًا أو لامعًا، مما أضفى جمالًا إضافيًا على المخطوطات.

4. المزج الفريد بين الألوان الزاهية، مع الاعتماد على نقوش مستوحاة من الزهور والنجوم بأشكال رباعية وسداسية وثمانية.

تأثيره على المجتمع والتراث

ساهمت أعمال الهتاري في تعزيز الهوية الثقافية لمحافظة ريمة. كانت المصاحف والمخطوطات التي كتبها تُستخدم في تلاوة القرآن وتعليمه، خاصة في شهر رمضان، مما عزز من التعايش والألفة بين أبناء المجتمع اليمني.

عكست أعماله ازدهار المنطقة بالثقافة والفنون في فترة كانت فيها ريمة إحدى أغنى مناطق اليمن، بفضل إنتاجها الزراعي، خاصة البن.

جهوده المجهولة والمخطوطات الباقية

على الرغم من أهمية أعمال الهتاري، فإنها لم تُوثق بشكل كافٍ من قبل الجهات الرسمية. ما زالت بعض المخطوطات محفوظة لدى عائلات في ريمة، ومنها عائلة يحيى النهاري في بني سعيد بمديرية الجعفرية، لكن العديد من أعماله مهددة بالاندثار.

دعوات للحفاظ على التراث

دعا مدير مكتب الآثار والمخطوطات في ريمة، حسن القليصي، إلى التعاون مع الجهات المختصة والمنظمات الثقافية للحفاظ على التراث الذي تركه الهتاري.

تضمنت التوصيات:

1. رقمنة المخطوطات والمصاحف القديمة لتحفظ إلكترونيًا.

2. تنظيم حملات توعية بأهمية المخطوطات التاريخية وضرورة حمايتها من التلف.

3. نشر أعمال الهتاري وإتاحتها للباحثين لتعزيز فهم التراث اليمني.

الإرث الذي لا يندثر:

يُعد ياسين الهتاري مثالًا حيًا على عبقرية اليمنيين في الفنون الإسلامية. لا تزال مخطوطاته وزخارفه شاهدة على مهارته وإبداعه، مما يجعلها إرثًا خالدًا يجسد عظمة الفن والتراث اليمني الأصيل.

وفاته:

توفي الشيخ ياسين الهتاري في نهاية الربع الأول من القرن الرابع عشر الهجري، اي 1325 هجرية في رباط النهاري بعد إتمام نسخ البخاري ومسلم حسب الأستاذ حميد احمد حسن عبدالله سبأ الضبيبي الهتاري.

ولا يزال اسمه وإرثه حاضرًا في ذاكرة ريمة واليمن.