recent
أخبار ساخنة

العلامة يوسف محمد علي الناهي السعيدي (1344هـ/1925م ـ 1420هـ/1999م)

 #شخصية_من_ريمة     الشخصية رقم ( 100 )    


مقدمة:

ينبغي القول في البداية إن صعوبات كثيرة تواجه من يريد كتابة ترجمات للفقهاء ورجال الدين منذ القرون الماضية، وبخاصة علماء ريمة وفقهاءها، بسبب زهدهم وتواريهم عن الأنظار وتحاشي الإدلاء بمعلومات عن أنفسهم خشية الرياء أو بسبب العزلة وضيق الحال. ولكن، إذا كانت هذه حججهم فما هي حُجَج البعض من أبنائهم وأحفادهم لإخفاء سِيَر آبائهم وأجدادهم العَطِرة؟ فمثلا، يقول العلامة أحمد بن عبدالعليم الناهي السعيدي، جد صاحب هذه الترجمة، في مقدمة كتابه "الشمعة المضيئة في أخبار اليمن والجعفرية"، إنه كتب هذا الكتاب استجابة لرغبة أبنائه في أن يترك لهم جزءً مما لديه من التاريخ. وقد تعذَّرَت كتابة هذه الترجمة للعلامة/ يوسف محمد علي الناهي السعيدي إلى أن يسر الله الحصول على معلومات من البروفيسور المهدي محمد الحرازي تفيد بأن لدى الدكتور قاسم أحمد المزلَّم ترجمة كاملة لهذا العالم كانا قد بدآ إعدادَها معا بعد وفاته بنحو عام. وتم التواصل مع الدكتور قاسم المزلَّم فسمح مشكورا بالاطلاع على المعلومات التي سترد في هذه الترجمة. 

نسبه :

هو يوسف بن محمد بن علي بن عبدالله بن أحمد بن عبدالعليم بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن داود بن إبراهيم الناهي السعيدي، سليل أسرة عُرِفت بالعلم في عُزلة بني سعيد، الجعفرية، ريمة، اشتهر منها: والده محمد علي عبدالله الناهي، وجده الأول العلامة الحجة عبدالله بن أحمد عبدالعليم الناهي، والقطب العلامة أحمد بن عبدالعليم الناهي، صاحب كتاب "الشمعة المضيئة" المشار إليه آنفا (وقبره في موضع يسمى الذراع في قرية الفقهاء من بني سعيد). 

ويعد صاحب هذه الترجمة أحد ثلاثة أبناء ذكور للعلامة محمد علي عبدالله الناهي. وله أخ يسمى عبدالقادر محمد علي الناهي سكن في العدين، إب، وتوفي هناك. أما أخوه الثالث داوود فقد توفي ودفن في بني سعيد.

كان صاحب هذه الترجمة ملما بجميع جوانب الفقه الشافعي، ملتزما بجميع فروعه كما هو حال الفقهاء والعلماء في منطقته، مع ممارسات صوفية من حيث الأوراد والنوافل دون أن ينتمي إلى طريقة محددة من طرق الصوفية. 

الولادة والنشأه:

ولِد في قرية شزهَب التي سكنها ودُفِن فيها سابقا العلامة القطب الصوفي علي بن عبدالرحمن الحداد (توفي في النصف الثاني من القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي).

 وُلِد العلامة يوسف محمد علي الناهي السعيدي  يوم الأربعاء 12 ربيع الأول سنة 1344هـ/30 سبتمبر 1925م في عزلة خَضَم، مديرية الجبين، محافظة ريمة، لكن جذوره تعود إلى قرية مضناي الحِيم، عزلة  بني سعيد مديرية الجعفرية، محافظة ريمة، حيث ما يزال له أقارب ظل يتواصل معهم، يزورهم ويزورونه، حتى رحل عن هذه الدنيا. ولايزال التواصل بين الابناء والاحفاد في العزلتين قائما الى اليوم، عُرِف عند العامة بـ"الفقي يوسف"، أو بلقب "الشريعة". وحتى منزله في شزهب عُرِف ببيت الشريعة، لأنه ومن قبله والده كان مأمون المنطقة ووكيل شريعة أمام المحاكم في قضاء ريمة.

وقد أصيب في صِباه بالجدري وفقد إحدى عينيه لكن الله عوضه بقوة النظر في عينه الأخرى فكان يقرأ من المصحف الصغير دون نظاره في عمر السبعين، كما أصاب الجدري ابنه الأكبر الحافظ عبدالله الذي فقد النظر فعمل معلما لتعليم القرآن في رباط النهاري ويسكن فيه بحكم عمله. ويعد أبرز أبنائه محمد الاكبر، عالما لغويا فرضيا وعضو المجلس المحلي في مديرية الجبين، محافظة ريمة، وأصبح في آخر حياة والده مأمونا شرعيا لعزلة خَضَم، بعد تفرُّغ والده للعبادة والاعتكاف في المسجد أغلب وقته.

تعليمه:

تربى يوسف الناهي على يد والده وتعلم القراءة والكتابة وأساسيات اللغة والفقه وممارسة العبادات، ودرس على والده وأبناء عمومته المتون التالية:

ـ في الفقه: متن سفينة النجاة، ومتن أبي شجاع، وشرح البيجوري، والمنهاج للنووي، ومتن الزبد بشرح مواهب الصمد.

ـ وفي النحو التحفة السنية، وشرح الكفراوي على متن الأجرومية، وملحة الإعراب، وقطر الندى لابن هشام، وشرح ألفية ابن مالك،

ـ وفي الأصول متن الورقات، 

ـ وفي مصطلح الحديث متن البيقونية،

ـ وفي الحديث صحيح البخاري،

ـ وفي الفرائض الرحبية، 

واشتهر بعلم الفرائض وكان مواظبا على قراءة البخاري سنويا.

أخذ عن الشيخ العلامة أحمد المدوَّح الذي كان يقدُم من المنصورية ويقيم عند الشيخ سعد  أحمد الخَضَمي، بالإضافة إلى اجتماع الفقهاء السنوي لقراءة صحيح البخاري كل عام في رباط النهاري. كما حصل على إجازة عامة من العلامة المدوَّح. ومن المرجح أنه أخذ على العلامة مهدي بن علي المزلَّم الذي كان على تواصل مع والده وعاصر شطرا من حياته (لم نتحقق بعد من هذه المعلومه اخذه عن المزلم ). وأخذ عن أبناء عمومته من بني الناهي في بني سعيد، فقد واصل أسلوب أبيه في إرسال أبنائه إلى أقاربه في بني سعيد أو إلى معهد ذي عمران ، عزلة بني جُدِيع، الذي اسسة العلامة قاسم بحر واداره من بعد الاستاذ محمد صغير المزلم . وقد استمر تواصله مع أهله في بني سعيد وبخاصة مع العلامة  الفرضي النحوي الفقيه يوسف صالح الناهي السعيدي (توفي في 30 شعبان سنة 1400هـ). وحين انتقل الفقيه يوسف صالح إلى رحمة الله في آخر يوم من شعبان جاء صاحب الترجمة إلى قريته وقام مقام الراحل خلال شهر رمضان في إمامة المصلين وقيام الليل. وبالمثل، عند وفاته قدِم علي بن الفقيه يوسف صالح إلى شزهب في خَضَم وظل ثلاثة أيام معتكفا على قبره وفي مسجده قارئا للقرآن داعيا له بالرحمة والغفران. 

العلاقات الاجتماعية :

أخذ عن أقرانه وأخذوا عنه، مثل العلامة المسند قاسم بن إبراهم بن حسن بحر. وقد ذكر الدكتور المزلَّم الكثير ممن ارتبط بهم صاحب الترجمة، ابتداءً من العائلة والأقارب، ومعلمي القرآن، مثل إبراهيم حيدر حمادي، والفقيه يوسف بن إبراهيم، قيِّم ومؤذن مسجد شزهب، والأستاذ قاسم يوسف الناشري، أول معلم في معهد شزهب، وعبدالله النهاري، إمام وخطيب مسجد الموظمة، والفقيه مهدي حسن مقبل، فقيه قرية السلف ومعلِّم القرآن فيها.

شزهب و مسجدها بخضم الجبين ريمه

علاقاته بالوجاهات والشخصيات الاعتباريه:

كما أقام علاقات اجتماعية مع الشيخ سعد الخَضَمي، والشيخ محمد صالح الخضمي، والشيخ عبدالله يوسف الأحمدي، شيخ عزلة بني أحمد، والشيخ علي أحمد سليمان، شيخ عزلة بني القحوي العُتُم، والشيخ يوسف علي النهاري، شيخ عزلة بني سعيد ومن بعده ابنه الشيخ عبدالعزيز يوسف علي النهاري، وغيرهم من مشايخ العُزَل في بَدَج، وبني الخطاب.

وكان له علاقات بالوجهاء والأعيان مثل: محمد الصغير مهدي المزلَّم في ذي عمران بني جُدِيع، وأحمد مهدي عمق، في الغبير، من بني أحمد، ومحمد السُّكِنِّين القرن، من عزلة بني الحرازي. 

مقتطفات من اعماله ومعاملاته  :

واهتم بالمساجد، فبنى من ماله الخاص مسجدا في قرية مجدورة، عزلة بني القحوي العُتُم، من الجعفرية، كما أشرف على بناء مسجد على نفقة فاعلة خير في قرية علمان  أوصت أن يتولى تنفيذه كما اشرف على توسيع مسجد قرية الحرازية وتأهيله.

وكان يميل إلى تجنب الخلافات والابتعاد عما يشق الصف، وامتاز بالحنكة والحكمة، وكان يقدم النصائح الرشيدة لمن يدعون من الشباب إلى التنكر لموروثات المجتمع من الممارسات الدينية التقليدية والصوفية المتراكمة عبر الزمن، مثل الذكر الجماعي الجهري بعد الصلوات من تسبيح وتحميد وتهليل وقراءة المعوذات والفاتحة وقراءة يس وتبارك بين المغرب والعشاء، فيقول لهم إذا طبقنا ما تدعون إليه من تخلٍ عن الموروثات الدينية سيأتي وقت قريب لن يعرف أحد قراءة الأذكار بعد الصلوات أو قراءة الفاتحة والسور الأخرى التي يقرأها الناس في صلاتهم، لأن غالبية الناس أميون ولا يتعلمون إلا في المساجد ومن خلال هذه الأذكار. فإذا تخلوا عن موروثاتهم لن يتعلموا شيئا جديدا.

وكان يميل إلى الوسطية والاعتدال والتخفيف من الخطاب المتشدد، ويعتمد الحُسنى في الإقناع والرد على الأخطاء في فهم النصوص من خلال الشرح والتوضيح ومخاطبة الناس وترشيد خطاب طلبة المعاهد الذين كانوا يتشددون في الخطابة. وقد استفاد منه وأخذ عليه كثير من الناس.

وكان كريما متصدقا يقف مع الضعيف وينصر المظلوم ويدير المواقف إدارة حسَنة. وكان قبل أزمة الخليج يقيم رمضان غالبا في مكة المكرمة والمدينة المنورة معتكفا.

وقد عمل في دعم إنشاء المعاهد العلمية في ريمة، وأول معهد في انشأ في ريمه هو معهد ذي عِمران، بني جُدِيع، الذي أداره الشيخ قاسم بحر، وقد تولى التدريس فيه العلامه قاسم بحر مع محمد الصغير المزلَّم، بينما تولى  صاحب الترجمة مهمة توفير الدعم للتغذية لطلاب المعهد ، كما ألحق به أبناءه وحض الآخرين على إلحاق أبنائهم بالدراسة فيه. وكان يجمع تبرعات الحبوب من المواطنين لتغذية الطلبة قبل تحمُّل الهيئة العامة للمعاهد العلمية في الحديدة مسئولية التغذية. وعندما قام القاضي يحيى الفسيِّل، رئيس الهيئة العامة للمعاهد ومعه حمود هاشم  الذارحي، وكيل الهيئة، بزيارة ريمة واعتماد معاهد علمية فيها دعاه للانتقال من معهد ذي عِمران لزيارة شزهب، وساعده في ذلك الدكتور إبراهيم الناشري، زوج ابنته، وتم خلال هذه الزيارة اعتماد معهد شزهب العلمي، الذي بنى صاحب الترجمة فيه فصلين ورمم الفصول الأخرى والإدارة على نفقته. وهو المعهد الذي تحول إلى مدرسة سعد بن معاذ  كما هو الاسم حاليا .

وأشار الدكتور قاسم المزلم إلى أن لصاحب الترجمة مراسلات حوت مجموعة من الشروح الفقهية حول الزواج والطلاق وغيرها.

وفاته:

وقد انقطع في آخر حياته للعبادة والاعتكاف في المسجد في أغلب وقته حتى انتقل إلى رحمة الله في  يوم الخميس 19 رجب سنة 1420هـ/28 أكتوبر 1999م

.........................

بقلم م.محمد غالب السعيدي 
مراجعة البروفيسور / علي محمد زيد القليصي
يناير ٢٠٢١م  

...................

المراجع

 مسودة كتاب البدر الباهي العلامه يوسف محمد علي الناهي للدكتور / قاسم احمد المزلم قدم لكتاب الترجمة البروفيسور المهدي محمد الحرازي 

تناولت الترجمة تفاصيل حياة العلامة الراحل في ١٢٦ صفحة دون المرفقات ونامل ان يرى النور قريبا. 

......................

تنبيه:

نسمح فقط بمشاركة المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي . ولا نسمح بالنسخ واعادة النشر او الاقتصاص من الترجمه  الا بموافقة مسبقة من الكاتب وان تمت الموافق يجب  احترام حقوق الملكية من خلال ذكر المصدر اسم كاتب الترجمه والمرجع  واسم الصفحة مع الرابط المرفق على الفيسبوك  من هنا 


google-playkhamsatmostaqltradent